للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما غاب عن العيان كالله «١» - سبحانه- وملائكته وأحكام الآخرة. وهذا أشق التكليفين «٢». ولهذا بدأ الله- سبحانه وتعالى- به في وصف المؤمنين حيث قال/:

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ... (٣) «٣» فالأول: تكليف علمي.

والثاني: عملي. وكذلك قوله: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ... (١٩) «٤»

ولذلك المسيح وغيره من الأنبياء/ إنما بدءوا بدعاء الناس إلى الإيمان بهم، وأنهم من عند الله.

ووجه المشقة في الإيمان بالغيب: هو أن النفس الناطقة مطبوعة مفطورة على حب إدراك الأمور بحقائقها، فإذا رأت ما لا تدرك حقيقته تألمت واضطربت، كما يشاهده كل عاقل من غيره، ويجده من نفسه، حتى في أيسر الأشياء. ولهذا يحدث «٥» للنفس العجب، وهو عرض يلحقها لخفاء سبب الأمر الحادث، فإذا ظهر لها سبب الأمر «٦» بطل العجب، واستراحت.


(١) في هامش (أ) تعليق يقول صاحبه:" هذه عبارة غير مستحبة عند أصحابنا" قلت: وهو كذلك، لأن كلما يتصوره العاقل من عظمة الله فالله أعظم من ذلك لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (سورة الشورى: ١١) فلا يمثل به احترازا من الوقوع فيما لا يليق بجلاله سبحانه.
(٢) هذه تسمى التكاليف الاعتقادية. (انظر الموافقات للشاطبي المجلد الأول ج ٢ ص ٥٨).
(٣) سورة البقرة الآية: ٣.
(٤) سورة القتال" محمد" الآية: ١٩.
(٥) في ش: يورث.
(٦) في (ش)، (م): لها السبب بطل العجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>