للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان الكلمات هي التوراة والإنجيل لكان الكتاب المذكور هو التوراة والإنجيل، ولم يكن به حاجة إلى أن يستشهد بأهل «١» الكتاب على صحته، لأن التوراة والإنجيل المنزلين على موسى وعيسى، لم ينازع فيهما أحد حتى يستشهد لهما. وأيضا:/ لو كان كذلك لم تصح شهادة أهل الكتاب لكتابهم لموضع التهمة. ثم قال: وتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ .. (١١٥) وهي الكتاب الذي أنزل/ مفصلا، وهو القرآن إذ لا معنى لقول القائل:" وهو الذي أنزل إليكم القرآن مفصلا، وتمت التوراة والإنجيل، ولا مبدل للتوراة والإنجيل" لأن المخاطبين بهذا الخطاب هم كفار العرب، ومحمد- عليه السلام- لم يكن يدعوهم إلى التوراة والإنجيل حتى يثني لهم عليهما، وإنما كان يدعوهم إلى القرآن فثبت بهذا أن المراد بقوله: لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ هو القرآن.

وفيما «٢» يرجع إليه نفي التبديل قولان:

أحدهما" معناه ومتعلقه من أخبار وحكم ووعد ووعيد، أي أن ما أخبر الله في القرآن من خبر، أو حكم به من حكم، أو وعد من ثواب، أو أوعد من عقاب لا يستطيع أحد تبديله ولا بيان فساده.

والثاني: أنه لفظه: أي لا يقدر أحد أن يزيد فيه ولا ينقص، لأن الله سبحانه ألهم المسلمين حفظه حرفا فحرفا، فلا تدخله الزيادة والنقص كما دخل التوراة والإنجيل على ما قد شاهدته أنا بنفسي في الكتابين من التناقض والاختلاف وأثبته في تعليقي على الكتابين «٣».


(١) في (ش)، (أ): أهل.
(٢) في (أ): وفي ما.
(٣) يقصد في كتابه:" تعاليق على الأناجيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>