للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومعنى هذا الحديث ما ذكره عبد الرزاق في تفسيره «١». قال:

أخبرنا «٢» معمر عن قتادة في قوله يا أُخْتَ هارُونَ قال: كان رجلا صالحا في بني إسرائيل يسمى هارون فشبهوها به. فقالوا: يا شبيهة هارون في الصلاح «٣».

فتحقيق معنى الحديث:/ أن هارون هذا سمي باسم هارون أخي موسى تبركا.

وحينئذ يفسد استدلال هذا الخصم ويكون الحد الأوسط في نظمه وهو هارون مختلفا، كما تقدم في استدلاله على أن الذكر المحفوظ هو التوراة.


(١) وقد أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٦/ ٧٧) عن قتادة أيضا، بنحوه. والقرطبي في تفسيره (١١/ ١٠٠) بمعناه عنه.
(٢) في (م): أنا.
(٣) وقد ذكر ما يتضمنه الحديث المتقدم وقول قتادة هنا: الإمام القرافي رحمه الله في الأجوبة الفاخرة. في السؤال الخامس من الباب الثاني: لما ولدت مريم- رضي الله عنها- بعيسى عليه الصلاة والسلام من غير زواج اتهمها بنو إسرائيل لعنهم الله بالزنا فقالوا لها متعجبين كيف يصدر القبيح من غير محله يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مريم:
٢٨]، لأنها كانت في غاية العبادة. وأصل الأخوة التساوي في الصفة ومنه قوله تعالى: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها [سورة الأعراف: ٣٨] أي مساويتها في الكفر. وقوله تعالى: وما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [الزخرف: ٤٨] أي مساويتها في الدلالة، ... والمساواة حصلت بين مريم- رضي الله عنها- وبين ذلك الرجل المسمى هارون فسميت أخته. أى مساويته في العبادة. وقيل: كان في ذلك الزمان فاسقا يسمى هارون فلما اعتقد بنو إسرائيل في مريم التهمة جعلوها أخته أي مساويته في ذلك الفعل. [انظر الأجوبة الفاخرة للقرافي الباب الثاني السؤال الخامس].

<<  <  ج: ص:  >  >>