للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكوت زكريا كان أزيد من تسعة أشهر، وذلك من الوقت الذي بشر به إلى أن وضع، وأن ذلك كان على جهة التأديب والعقاب، يعني على مراجعته الملك، وكونه لم يثق بأول كلامه، لا على جهة الآية" وذكر حكاية ذلك من الإنجيل في كلام طويل قد ذكرته أنا وجوابه في:" التعليق علي الأناجيل «١» ".

قلت: والذي يحتاج إلى الجواب عنه في هذه الجملة أمران/:

أحدهما: أن سكوته كان أكثر من ثلاثة أيام.

الثاني: أن سكوته كان عقوبة لا علامة.

والجواب/ عن ذلك من وجهين:

أحدهما: الجواب العام وهو أن مستندكم في هذا: الإنجيل. وليس حجة علينا، كما أن ما عندنا ليس حجة عليكم- على زعمكم-، فبقيت دعوانا ودعواكم ولا فاصل بيننا يلزمنا جميعا الرجوع إليه.

الوجه الثاني: أن خبر محمد- عليه السلام- أثبت ثلاثة الأيام، ولم ينف ما فوقها وأثبت العلامة، ولم ينف العقوبة «٢». فإذن الجمع بين القولين ممكن، وهو


(١) ذكره الطوفي في أول حديثه عن إنجيل لوقا ص ٥٤ من المخطوطة حسب ترقيمي. وليس طويلا فهو لا يتجاوز الصفحة الواحدة. والذي فهمته من كلامه هذا أن كتاب تعاليق على الأناجيل رد أيضا على النصراني الذي رد عليه الطوفي في هذا الكتاب.
(٢) كان الاكتفاء بالوجه الأول أولى، أو العدول عن هذا الوجه إلى آخر أجود منه، كأن يقول مثلا:
أنتم في كتبكم تنسبون إلى الأنبياء ما لا يليق بهم ومن ذلك اتهامكم بعضهم بالزنا والبعض الآخر بشرب الخمر ومجامعة بناته وهذا زكريا تقول إنه لم يثق بكلام الرب سبحانه وقوم هذه عقيدتهم في أنبيائهم لا يقبل قولهم. ونحن لا نقر ذلك في زكريا بن يحي، وإنما كان عليه السلام يتعجب من وجود الولد منه بعد الكبر، فأخبر بأن الله عظيم لا يعجزه شيء، فطلب أن يجعل الله له علامة يستدل بها علي وجود الولد منه، فأخبره الله أنه لا يستطيع النطق ثلاثة أيام مع أنه سوي صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>