للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطْعِمُنِي ويَسْقِينِ (٧٩) وإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) «١» فأضاف الخلق والهداية والإطعام والإسقاء إلى الله. لأنها نعم. وأضاف المرض إلى نفسه لكونه محله، وإن كان ليس منه في الحقيقة تأدبا لأن المرض صورته صورة نقمة «٢»، فإضافته إلى المنعم في سياق الاعتراف له بالإنعام تكدير للتأدب. وكذلك لا تنافي بين كون السكوت علامة على صدق البشرى، وعقوبة على عدم المبادرة إلى التصديق بها. وذكر العقوبة في هذا ليس مما اخترعه هذا المصنف من الأسئلة على القرآن، بل قد ذكره مفسرو القرآن منهم قتادة. قال [القرطبي] «٣»:" وهو قول أكثر المفسرين «٤» ".

قلت: وعليه إشكال. وإن كان/ قد ذكره المسلمون فإنه لا خلاف بيننا وبين النصارى أن مريم لما بشرت بالولد استعظمت ذلك وقالت: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ «٥»؟ نطق بذلك قرآننا وإنجيلهم «٦»، ثم إنها لم تعاقب على ذلك بشيء.

فإن قال قائل: إن زكريا كان أكمل من مريم والأكمل في الحال أولى


(١) سورة الشعراء: ٧٨ - ٨٠.
(٢) في (أ):" صوره نفهمه".
(٣) في النسخ الثلاث: الطبري. والصواب: القرطبي.
(٤) انظر تفسير القرطبي ٤/ ٨٠، وقد رجح هذا القول المروي عن قتادة وأنها آية وعقوبة: الطبري في تفسيره [٣/ ٢٥٩]. ورواه عن قتادة وغيره.
(٥) في سورة آل عمران، الآية: ٤٧. وقالت في سورة مريم آية رقم: ٢٠: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ....
(٦) قصة حمل مريم بالمسيح في أول إنجيل متى.

<<  <  ج: ص:  >  >>