للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه أخبر أن أبوي يوسف حضرا عنده ذلك الوقت، وقد ثبت في التوراة: أن راحيل أم يوسف ماتت في نفاسها ببنيامين ودفنت ببيت لحم «١». قبل أن يطرأ ليوسف ما طرأ «٢».

والثاني: أنه ذكر أنهم سجدوا ليوسف، ولم يذكر في التوراة. غير أن يعقوب لما رأى يوسف فتح ذراعيه، وعانقه باكيا «٣» ".

قلت: والجواب عن الأول من وجوه:

أحدها: الجواب العام، وهو: عدم الوثوق بالتوراة، وقد بينت في التعليق عليها «٤» من التناقض والتهافت ما تبين لكل عاقل أنها مما لا يعتمد عليه.


(١) بيت لحم، أو بيت لخم، بالمهملة أو المعجمة. وقيل فيه لغتان. وهي بليد قرب بيت المقدس اشتهر أن عيسى- عليه السلام- ولد فيها. [انظر مراصد الاطلاع ١/ ٢٣٨].
(٢) ذكرت القصة في سفر التكوين الأصحاح الخامس والثلاثين. والأصحاح الثامن والأربعين.
(٣) والنص في ترجمة ١٩٧٩ م، في سفر التكوين في الأصحاح السادس والأربعين" ولما ظهر له وقع على عنقه وبكى على عنقه زمانا" اهـ.
(٤) علق على التوراة في النصف الثاني من كتابه" تعاليق على الأناجيل" ومن تناقضها وما يدل على وقوع التحريف فيها وتغيير وتبديل اليهود والنصارى لها قولهم فيما يسمونه: سفر الخليفة أو التكوين" وقال الله نخلق بشرا على شبهنا وقد رسمنا فضله ليكون كصورتنا ومثالنا وأسلطه على سمك البحار وطير السماء" إلى أن قال:" وخلق الله آدم بصورته صورة الله. خلقه ذكرا وأنثى خلقهما الله وبارك عليهما".
قلت: فالله خلق آدم على صورة الله أو على صورة الرحمن. وهذا من إضافة المخلوق إلى خالقه فالصورة خلق الله تعالى ... وليست المشكلة في هذا ولكن قولهم:" ومثالنا" و" وشبهنا" يدل على أن آدم إله مساو لله تعالى. وهذا تنقص بالله تعالى، لأنه يلزم من ذلك أن يكون له شريك في الإلهية والربوبية والأسماء والصفات والأفعال يزاحمه وهذا محال كما قال الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: ١١] وقال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ولَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [سورة المؤمنون: ٩١].

<<  <  ج: ص:  >  >>