للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا" ابن جزلة" «١» صاحب" منهاج البيان" في الطب كان نصرانيا فأسلم وصنف كتابا سماه" إفحام النصارى" ولما مات وقف كتبه على تربة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت «٢» / ببغداد «٣» وكثيرون مثله يسلمون ويحسن إسلامهم، وبعد ذلك يطعنون فيما كانوا عليه من اليهودية أو النصرانية «٤» ولم نر مسلما خرج عن الإسلام، فحمد ما انتقل إليه «٥» فإن قيل: لأن المسلمين لا يتركونه بل


(١) تقدمت ترجمته في قسم الدراسة ص: ١٨٢.
(٢) النعمان بن ثابت بن زوطي التميمي الكوفي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة، يقال: إنه من أبناء الفرس. إمام أصحاب الرأي، وفقيه أهل العراق، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ولد بالكوفة، وطلب العلم في صباه، ثم انقطع للتدريس والإفتاء. رأى أنس بن مالك رضي الله عنه وسمع عطاء بن أبي رباح وغيره من التابعين، كان طويل الصمت كثير العقل، يسمى الوتد لكثرة صلابته، قال عنه الشافعي:" الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة" قدم بغداد فأقام بها حتى توفي سنة خمسين ومائة رحمه الله تعالى.
[انظر سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٩٠ - ٤٠٣، وتاريخ بغداد ١٣/ ٣٢٣ - ٤٢٣].
(٣) المدينة المعروفة الآن في العراق. وهي عاصمة الدولة العباسية وعاصمة دولة العراق الآن.
(٤) من أمثال السموأل بن يحي بن عباس المغربي المتوفي سنة ٥٧٠ هـ فقد كان يهوديا ثم أسلم وألف في الرد على اليهود" إفحام اليهود". وأمثال عبد الله بن عبد الله الترجمان الميورقي المتوفي سنة ٨٣٢ هـ في جزيرة ميورقة والذي كان يدعى قبل إسلامه" أنسليم تورميدا" فقد كان من أحبار النصارى ثم أسلم ورد عليهم بكتابه" تحفة الأديب في الرد على أهل الصليب" وغيرهما كثير.
(٥) قلت: وقد شهد بذلك هرقل ملك النصارى وعالمهم في عهد النبوة، حيث سأل أبا سفيان عن نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم فقال:" وسألتكم هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟
فقلتم: لا. وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد".
وستأتي القصة بتمامها في نص الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>