للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن الفرق بين أولئك الأنبياء ومحمد- عليهم السلام- من وجهين:

أحدهما: أن موسى لم يأت بعده نبي إلا بتقرير أمر التوراة ومتابعتها فكانوا في المعنى نواب موسى وخلفاؤه/، كالتلاميذ الاثنى عشر لعيسى.

ومحمد- عليه السلام- جاء بنسخ الشرائع كلها وأحكام التوراة والإنجيل وغيرهما، واستئناف شريعة مبتدأة من عند الله. ولهذا لما جاء المسيح بإبطال السبت وأشياء مما تخالف حكم التوراة تعصبوا عليه وقتلوه،- كما زعمتم وإياهم- «١».

الوجه الثاني: أنهم كانوا يعلمون أن أولئك الأنبياء ضعفى لا شوكة لهم فلم تكن لهم حاجة إلى نزع أسمائهم، بل إن رأوا منهم ما يوافقهم وإلا قتلوهم كما فعلوا بيحيى وزكريا والمسيح «٢» وغيرهم من الأنبياء.

ومحمد- عليه السلام- علموا أنهم لا يقدرون عليه كما قدروا على غيره «٣» فنزعوا اسمه ليصير شبهة لهم في خلافه- كما سبق-.


(١) ثم إن اليهود ينكرون نبوته ويقولون إن المسيح المذكور في التوراة إنما هو المسيح المنتظر الذي سيأتي في آخر الزمان. [انظر إفحام اليهود ص ١٠٢ - ١٠٧].
(٢) على زعم اليهود.
(٣) لقد حاول اليهود- لعنهم الله- قتل محمد صلّى الله عليه وسلّم رغم العهد الذي بينهما ولكن الله رد كيدهم في نحورهم. ومن ذلك ما حصل من بني النضير عند ما ذهب إليهم صلّى الله عليه وسلّم من أجل الاستعانة بهم في دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فاستند صلّى الله عليه وسلّم إلى جدار حصن لهم، فخلا بعضهم ببعض واتفقوا على طرح حجر عليه من ظهر الحصن ليقتله، فأخبره جبريل- عليه السلام- بذلك، فقام موهما لهم بأنه غير ذاهب ومعه نفر من أصحابه منهم أبو بكر وعمر وعلي- رضي الله عنهم أجمعين-، فسار حتى دخل المدينة ثم صبحهم بالجيش فجلاهم إلى الشام-

<<  <  ج: ص:  >  >>