للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن هذه مسئلة من فروع الشريعة «١» تثبت بثبوت أصلها وتنتفي بانتفائه «٢»، فهي تابع لا مقصود، فيغنيك عنها القدح في أصل الدين «٣» / إن يثبت «٤» لك. وإنما ذكرك لمسألة القدر في هذا المقام كمن يقدح


(١) مسألة القدر هي من أصول الدين التي يجب على المسلم الإيمان بها، والقدر أحد أركان الإيمان فلا يصح الإيمان إلا به، كما قال ابن عباس- رضي الله عنهما-:" من وحد الله وكذب بالقدر فقد نقض تكذيبه توحيده" لكن المؤلف- رحمه الله- يقصد بأن مسألة القدر فرع بالنسبة للأصل وهو شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والتي هي أول واجب، كما هو مقرر في علم أصول الدين فلا يصح أن يتكلم الإنسان في القدر أو اعتقاد القدر قبل أن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا أتى بالأصل وهو الإسلام فإنه يلزمه المرتبة الثانية من مراتب الدين وهو الإيمان الذي منه الإيمان بالقدر خيره وشره. يقول ابن تيمية- رحمه الله- في التدمرية ص ١٩٣:" والاقرار بالأمر والنهي والوعد والوعيد مع انكار القدر خير من الاقرار بالقدح مع انكار الأمر والنهي والوعد والوعيد" ثم يقول- رحمه الله- في الرد على من أهل أخل بالنبوة وما جاء فيها من الأمر والنهي ص ١٩٩:" فهؤلاء المتصوفون الذين يشهدون الحقيقة الكونية مع إعراضهم عن الأمر والنهي شر من القدرية المعتزلة ونحوهم، أولئك يشبهون بالمجوس، وهؤلاء يشبهون بالمشركين الذين قالوا: لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا ولا آباؤُنا ولا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ [الانعام ١٤٨] والمشركون شر من المجوس، فهذا أصل عظيم على المسلم أن يعرفه، فإنه أصل الإسلام الذي يتميز به أهل الإيمان من أهل الكفر، وهو الإيمان بالوحدانية والرسالة: شهادة ألا إلا إلا الله، وأن محمدا رسول الله" اهـ.
(٢) في (أ): بانتفائها.
(٣) أي: القدح في النبوة التي لا يتحقق الإيمان بالقدر إلا بها ولا يعرف الإنسان الحق إلا بها.
(٤) في (م):" إن ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>