للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجدون لأفعالهم استقلالا وأن الله- تعالى- «١» لا تعلق له بها بخلق ولا إرادة.

وفرقة توسطت الطرفين المنحرفين، وقالت «٢» بمقتضى القسمين. فنسبوا الأفعال إلى الله إرادة وخلقا، وإلى العباد اجتراحا وكسبا، وفسروا الكسب بأنه أثر القدرة القديمة في محل القدرة الحادثة، وساعدهم على ذلك ظواهر نصوص الكتاب والسنة من الطرفين «٣». وورد على كل واحدة من الفرقتين الأوليين ما قالت به الأخرى، فاحتاجت إلى تأويله، والتعسف في تبطيله، فلزم الجبرية


(١) - تعالى-: زيادة من (ش).
(٢) في (أ): أو قالت.
(٣) هذا قول الأشعرية. ومن وافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد الذين يقولون:
إن قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل. لكن الأشعرية يقولون: إن الله فاعل فعل العبد وإن عمل العبد ليس فعلا للعبد بل كسب له وإنما هو فعل الله فقط. وأما قول جمهور أهل السنة فغير هذا فهم يقولون: إن العبد فاعل حقيقة وإن له قدرة حقيقية واستطاعة حقيقية، لها تأثير لفظا ومعنى كما قال تعالى: ونَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وآثارَهُمْ، [يس: ١٢] وهذا التأثير هو تأثير الأسباب في مسبباتها فالله تعالى خالق الأسباب، والمسببات. يقول الله تعالى: واللَّهُ خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ [الصافات: ٩٦]. وخلقه لفعل العبد لا يدل على أن العبد لا يفعل باختياره، وأنه لا قدرة له، وإلا فما الحكمة من خلقه؟ إنه خلقه ليعمل وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [سورة الذاريات ٥٦] " اعملوا فكل ميسر لما خلق له" [صحيح البخاري تفسير سورة والليل إذا يغشى].
ولكن عمل العبد وقدرته تحت مشيئة الله وقدرته: وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الإنسان: ٣٠]. [من مراجع هذه الفقرة: منهاج السنة ١/ ٣٥٨ وما بعدها، شفاء العليل ص ٢٤ وما بعدها، خلق أفعال العباد للبخاري ص ٣٩ وما بعدها].

<<  <  ج: ص:  >  >>