للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجوير «١»، والقدرية تعجيز القدير، والإشراك معه في آثار المقادير. ولهذا سموا مجوس الأمة، تشبيها بالمجوس القائلين بخالقين.

إذا عرفت هذا فنقول: إنا إذا اشتققنا اسم فاعل من فعل أو صفة نحو شرير وظالم وضارب وقاتل، فتارة يراد به موجد ذلك الفعل وخالقه وعلة وجوده/ وتارة يراد به كاسبه وسببه. فقولك: لو كان الله مريدا للشر، والظلم لكان شريرا ظالما، إن عنيت بالشرير والظالم كاسب الشر، وسببه. فلا نسلم، إنما ذاك الآدمي «٢».

وإن عنيت خالقه وعلته فهو صحيح، لكن يكون في اطلاق لفظ «٣» الشرير عليه إساءة أدب. إذ لم ترد الشرائع بإطلاق مثل هذا عليه «٤».


(١) من الجور: وهو نقيض العدل. والميل عن القصد. ومنه قوله تعالى في سورة النحل ٩: ومِنْها جائِرٌ أي عادل عن الحق فلا يهتدي به.
وقيل: عادل عنه فلا يهتدي إليه. والمقصود أهل الأهواء المختلفة ومنهم اليهود والنصارى (انظر لسان العرب ٤/ ١٥٣، تفسير القرطبي ١٠/ ٨١) والجبرية ينسبون الله بهذا إلى الجور ضد العدل، وسلكوا فيه غير القصد.
(٢) الله سبحانه خالق الإنسان وعمله كما تقدم والآدمي فاعل حقيقة فيضاف الفعل لله من حيث الخلق وللعبد من حيث أنه فاعل له حقيقة. وإضافته إلى الله إضافة خلق لا مباشرة واضافته إلى العبد إضافة مباشرة وتحصيل.
(٣) لفظ: ليست في (أ).
(٤) قال الله تعالى: وأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (الجن ١٠) فقد أضيف الخير إلى الله صراحة، وحذف فاعل الشر وبني الفعل للمجهول تأدبا مع الله تعالى. وإضافة مثل: الشر إلى الله تعالى ووصفه بذلك فهذا فيه نقص من وجه، ولا يليق ذلك بجلاله إلا في مقابلة مثلها، لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن-

<<  <  ج: ص:  >  >>