للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجحان الوجود في النفس «١». وحينئذ نقول: ما تعني بقولك:" كل آمر بشيء" فهو مريد له؟ " الإرادة الطلبية أو الوجودية؟ الأول: مسلم. لكن هذا يصير كقولك كل آمر بشيء فهو أمر به، لأن الإنسان قد يقول لصاحبه أو لعبده: أطلب منك، أو آمرك أن تفعل كذا. وأريد منك أن تفعل كذا بمعنى. والثاني: ممنوع، فلا يصح قولك: كل آمر بشيء فهو مريد له، أي: مرجح لوجوده.

وقد ضرب الأصوليون لهذا مثلا، وهو: من أمر عبده بما لا يريده منه تمهيدا لعذره عند من لامه «٢» على ضربه. فإن هذا جائز عقلا. وفيه حكمة مقصودة «٣»، فجاز أن يكون/ لله سبحانه في الأمر بالشيء، وعدم إرادته «٤» حكمة، وإن لم


(١) الفرق بين الإرادة الكونية القدرية الخلقية والأمرية الشرعية: أن الأولى متعلقة بخلق فعل العبد إن شاء الله خلقه وإن لم يشأ لم يخلقه وإذا أراد الله خلق فعل العبد فلا بد من وجود المراد ووقوعه. ولا يستلزم أن تتضمن المحبة والرضا فالله يريد الكفر والمعاصي كونا وقدرا ولا يرضاهما. أما الأمرية الشرعية فهي متعلقة بأمره سبحانه فهو يريد من العبد الفعل ولا يلزم إعانته عليه. ولا يستلزم وقوع مرادها إلا إذا تعلقت بالكونية، وهذه الأمرية متضمنة للمحبة والرضا والكونية والأمرية تجتمعان في حق المطيع المؤمن البر، وتنفرد الكونية في حق العاصي والكافر، فالأمرية خاصة بحزب الله وعباده الصالحين.
[انظر شرح العقيدة الطحاوية ص ١١٧، ١٣٧، ١٣٨].
(٢) في (ش): لانه.
(٣) قال الله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [سورة النساء: ١٦٥] وقال تعالى: وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ... [سورة النساء: ٦٤].
(٤) أي عدم محبة وقوعه، وتقدير ضده.

<<  <  ج: ص:  >  >>