للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استقصيت القول في مسألة" القدر" في كتاب مفرد، سميته:" درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح" «١» على وجه بليغ لمن عقل الأسرار الإلهية.

والله أعلم.

وأما ما حكى عن الزمخشري فهو صحيح. لكنه أسرف في تغليط العبارة «٢» فإنا ننزه الله تعالى عن أن يعاقب على فعل ألجأ إليه كما بينا.

ثم نقول: إن الزمخشري رجل معتزلي غال في الاعتزال،/ حرف القرآن عن مواضعه، ليوافق مذهبه، واضطره ذلك فيما حكمى عنه السخاوي «٣» - حتى حمل قوله تعالى: ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا ... (٢٨) «٤» على معنى:

أصبناه غافلا، كما يقال: أجبنت الرجل وأبخلته إذا وجدته كذلك «٥». وتشبث


(١) انظر عن الكتاب ص ٧٧ من قسم الدراسة.
(٢) أسرف النصراني في تغليط عبارة الزمخشري لأن العبارة ليست بهذا اللفظ الشنيع. [انظر ص:
٤٥٤ من هذا الكتاب هامش: ٢].
(٣) هو علم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري الشافعي. عالم بالقراءات والتفسير والنحو، وله مصنفات كثيرة منها: المفضل شرح المفصل للزمخشري- خ في أربعة أجزاء، وله شعر كثير. قيل: إنه من أذكياء بني آدم. توفي في ثاني عشر من شهر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
[انظر طبقات الشافعية ٥/ ١٢٦ - ١٢٧، والأعلام ٤/ ٣٣٢].
(٤) سورة الكهف، آية: ٢٨.
(٥) عبارة الزمخشري في تفسيره (٢/ ٢٥٨):" من أغفلنا: من جعلنا قلبه غافلا عن الذكر بالخذلان، أو وجدناه غافلا عنه، كقولك: أجبنته وأفحمته وأبخلته إذا وجدته كذلك ... وقرئ" أغفلنا قلبه" بإسناد الفعل إلى القلب على معنى حسبنا قلبه غافلين. من أغفلته إذا وجدته غافلا"، قلت: وهذا ضلال كبير، لأن الآية تدل على أن ما يعرض للعبد من غفلة ومعصية، إنما هو-

<<  <  ج: ص:  >  >>