للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقاد به «١»، وعلى أن من رأى إنسانا في الماء قد كاد يغرق، وقدر على تخليصه فلم يخلصه حتى غرق، لا يقتل. لكن في ضمانه له بالدية خلاف. الأصح أيضا النفي، وما ذاك إلا لما ذكرنا من الفرق.

وأصل هذه المسألة إذا حققت رعاية للأصلح «٢».

وقد أشير في نبوة ارمياء إلى حقيقة القدر، حيث يقول الرب سبحانه لعصاة بني إسرائيل:" كما لا يقدر/ الهندي أن يغير سواد جلده، والنمر تبقيعه، كذلك أنتم لا تقدرون على الإحسان والخير، لأنكم قد تعودتم الشر" «٣».

وتقرير هذا: أن الباري- سبحانه- ركز في طباع العالم وجبلاتهم الميل إلى أفعالهم من خير وشر، كما ركز الإحراق في طبيعة النار، والإغراق في طبيعة الماء، وكما وضع السواد في الجسم «٤»، والتبقيع في النمر والفهد والغراب الأبقع، والسم في الحية والظلم والاستيلاء في طبع السبع، لكنه أجرى فعل تلك الطبائع على كسب أهلها. فعلى الكسب يترتب الجزاء، وعلى ركز الفعل في الطبع، وتحريك الداعي له- وهو خلقه، المنسوب إلى الله سبحانه- يترتب التسليم، والله بكل شيء عليم.


(١) هذا من أنواع القتل العمد. [انظر المغني لابن قدامة ٧/ ٦٤٠ - ٦٤١، والمقنع ٣/ ٣٣٣، ٣٣٤].
(٢) في (أ): الأصل. وفي (ش): الأصلح. وانظر هامش ص: ٢٥٤ من هذا الكتاب.
(٣) انظر نبوة ارمياء: الأصحاح الثالث عشر وهذا قول الله على زعمهم.
(٤) هكذا في النسخ الثلاث، والأصح: في الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>