للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكن لك به عناية، قلت له: هذا الطريق. ثم تركته بلا تخفير، فمر على عماه «١»، فوقع على سبع فافترسه، أو لص فقتله، أو مهلك فتلف فيه، أو مغارة فمات عطشا، كذلك الله- سبحانه- إذا اعتنى بعبده جعل التوفيق له إلى الموت خفيرا، يمنعه من مفارقة الطاعات، ومقارفة المعاصي، وإذا غضب عليه لم يصحبه التوفيق وذلك هو خذلانه له، فقارف «٢» المعاصي، وفارق الطاعات فكان شقيا.

فحقيقة القدر إذا حقّقت وجدت عدمية، وهي كون الله سبحانه/ لا يتفضل على عبده «٣» بالتوفيق العاصم من الهلاك، وليس عليه سبحانه ذلك بناء على أصلنا/ في أنه لا يجب عليه رعاية الأصلح لخلقه، بل يتفضل به تفضلا «٤»، فالله سبحانه لا يلجئ أحدا إلى شر، لكن يخلي بينه وبين الشر.

وفرق بين أنك تترك تخفير رجل في الطريق فيقتل وبين أن تقطع عليه الطريق فتقتله، وبين أنك تراه يريد أن يلقي نفسه من جبل فلا تمنعه، وبين أن تدفعه منه فيقع. فإن الأول ترك نفع، وهو عدم محض، والثاني: فعل ضرر محض، ولهذا أجمع الفقهاء على: أن من أخذ شخصا فغطه في الماء حتى اختنق


(١) من العمه وهو التحير والتردد في الطريق، فهو لا يدري أن يتوجه.
[انظر لسان العرب ١٣/ ٥١٩].
(٢) في (ش)، (أ):" فقارن" وقارف المعاصي: أي لزم فعلها وخالطها. [انظر منال المطالب ص ٣٠٠، ولسان العرب ٩/ ٢٧٩ - ٢٨٠، ومختار الصحاح ص ٥٣١].
(٣) في (ش): ضده.
(٤) انظر هامش ص: ٢٥٤ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>