للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث الثابتة في الرواية كأحاديث البخاري ومسلم لا يلزمنا الجواب عنها في هذا المقام، لأنها آحاد، والآحاد غايتها أن تثبت بها أحكام الفروع لا أن تورد نقضا على أصول/ الشرائع «١». ولهذا قال أكثر طوائف المسلمين:" لا تثبت بأخبار الآحاد صفة لله، لأن مسائل الأصول القطعية لا تثبت إلا بقاطع" «٢» وإنما نحن تبرعنا بالجواب عن تفاصيل هذه الأحاديث تبرعا.

وهذه قاعدة نافعة في هذا الباب- وقد سبقت في أول الكتاب- ثم إن «٣» تبرعنا بالجواب عن هذا كما تبرعنا به عن غيره «٤». فمعنى قوله:" ما بقي من الدنيا فيما مضى إلا كمثل ما بقي «٥» من هذا اليوم فيما مضى" هو قريب من قوله: «بعثت أنا والساعة كهاتين».

والمعنى الجامع بين الحديثين تقليل «٦» ما بقي من الدنيا بالإضافة إلى ما مضى منها، وهذا صحيح، فإنه- عليه السلام- أخبر بجملة من أشراط الساعة وقد ظهر


(١) سبق الكلام عن حجية حديث الآحاد والرد على من أنكر ذلك ورد قول الطوفي في هذه المسألة ص: ١٤٧ - ١٥٣. وليس له حاجة هنا إلى ما ذهب إليه في خبر الآحاد، وهو في العمل به على غير ما قاله. بل يستند أحيانا إلى حديث ضعيف ويدافع عنه. كما في قصة الغرانيق وغيرها.
(٢) القائلون بذلك هم: الجهمية والمعتزلة والشيعة، وبعض الطوائف التي لا يعتد بقولها. وإلا فإن جمهور المسلمين: إذا صح الحديث تلقوه بالقبول، وإن كان آحادا، ويثبتون به صفات الله تعالى وأسماءه وليس المخالفون لهم بأكثر طوائف المسلمين إلا في بعض العصور التي كثرت فيها الفتن وترأس فيه أهل البدع والضلال، كما حدث في عصر الطوفي. ثم إن الأمر لا يلزمه هذه التنازلات للنصراني، والله الموفق.
(٣) هكذا في النسخ الثلاث. والأصح:" إنا تبرعنا".
(٤) لا نوافق الطوفي ومن وافقه من الأصوليين على هذه القاعدة كما تقدم في الدراسة.
(٥) ما بقي: سقطت من: (أ).
(٦) في (أ): بقليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>