للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت:/ أما قوله: إن محمدا لم يأت بمعجز فسنذكر من معجزاته ما يكتفي ببعضه العاقل، وأما ما ذكر من أنه لم يجب قريشا إلى ما سألوه من المعجزات فجوابه من أربعة أوجه:

أحدها: أنه علم أنهم معاندون، وأنه لو أتاهم بذلك لم يؤمنوا «١» ..

والدليل على ذلك في كلامهم. فإنهم قالوا له: أزل عنا هذه الجبال، وخرق لنا الأنهار في أرضنا، وأوسعها «٢» علينا، وابعث لنا آباءنا مع" قصي «٣» " فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك.

فعلقوا تصديقهم له على شريطين: إزالة الجبال ونحوها، وتصديق الموتى [له، ولم يكتفوا بأحد الشرطين. ولا شك أن من له نية في متابعة الحق يكتفي ببعض ذلك. فإن بعد تصديق الموتى] «٤» له في ذلك لا يبقى إلا العناد. فلما علم


(١) قال الله تعالى في سورة الأنعام (٤): وما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ وقال تعالى في نفس السورة: ٢٥ ومِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفِي آذانِهِمْ وَقْراً وإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها ... الآية. وقال في نفس السورة أيضا ١٢٣ - ١٢٤: وكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وما يَشْعُرُونَ (١٢٣) وإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ... والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة في هذه السورة وفي غيرها.
(٢) في (أ): ولوسعها.
(٣) في (ش): قصي بن كلاب.
(٤) ما بين المعكوفتين ساقط من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>