للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنادهم لم يجبهم إلى ذلك. ولهذا أوحى الله إليه: ولَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ... (١١١) «١».

وكذلك كان. فإنه لم يؤمن من قريش إلى يسير أول الأمر.

الوجه الثاني: أنه علم باستقراء أحوال الأمم الخالية مع أنبيائهم أنه إن «٢» عاجلهم بإظهار الآيات مع ما علمه منهم من العناد، أنهم يهلكون كما هلك قوم فرعون «٣» بعد إظهار موسى آياته وعاد «٤» وثمود «٥» وغيرهم، وكما مسخ قوم


(١) سورة الأنعام، آية: ١١١.
(٢) «أن» سقطت من (أ).
(٣) فرعون: هو الوليد بن مصعب (فرعون موسى) قيل: إنه من العمالقة. وقيل: إنه فرعون يوسف عمّر إلى أيام موسى. وقيل: هو من القبط، وهو الذي ادعى الربوبية كما حكى ذلك عنه القرآن: فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] وكان له دولة عظيمة، وكان وزيره هامان.
قتل الأطفال الذكور من بني إسرائيل بأمر منه عند ما أخبره بظهور موسى الذي أنجاه الله وألقته أمه في اليم بأمر من الله والتقطه آل فرعون وتحقق أمر الله وهلك فرعون بالغرق وجنوده.
والقصة معروفة لكل مسلم. [انظر البداية والنهاية ١/ ٢٦٨ وما بعدها وتاريخ ابن جرير ١/ ٤٠٥ فما بعدها].
(٤) عاد: قبيلة من القبائل أرسل الله إليهم نبيه هود عليه الصلاة والسلام بعد أن كان الرجل منهم ليتخذ المصراع من حجارة، ولو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلّوه، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها. ولكنهم لما كذبوا بآيات الله وجحدوا فأهلكوا بريح صرصر عاتية. [انظر تفسير القرطبي ٢٠/ ٤٤].
(٥) ثمود: قوم صالح عليه السلام اشتهروا بقوتهم، وهم أول من نحت الجبال والصور والرخام. بنوا من المدائن ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة، ومن الدور والمنازل ألفي ألف وسبعمائة ألف كلها من الحجارة أيضا. قال الله تعالى عنهم: وكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ [سورة الحجر ٨٢] وكانوا لقوتهم يخرجون الصخور، وينقبون الجبال، ويجعلونها بيوتا لأنفسهم.
[انظر تفسير القرطبى ٢٠/ ٤٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>