للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:" ووجدت أيضا ألفاظه قليلة الاختصار، كثيرة التكرار في إيراده القصص وغير ذلك كسورة قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١)، وسورة الرَّحْمنُ فإنك تجد فيها ما يعنيك وتقمع به معاديك".

قلت: هذا كلام من لا يعلم، وهو جدير أن يتعلم ثم يتكلم «١».

أما تكرار القصص فله فائدتان:

إحداهما: أن القرآن كان ينزل شيئا فشيئا «٢»، ويحتاج أن يحمل إلى أقطار الأرض لينتفع الناس بما فيه من أمر ونهي، ووعد ووعيد، ووعظ وأخبار ونحوه وكان المهم دعاءهم إلى الإسلام، وذلك بترهيبهم مما جرى لمخالفين من الأمم قبلهم وترغيبهم فيما فاز به المؤمنون، فكررت القصص وكانت مختلفة الألفاظ ليتفرق في البلاد كذلك، فيسمعها الناس في الأقطار وتكون باختلاف ألفاظها ادعى إلى القبول، لأن النفوس مشغوفة بمعاداة المعادات، كما قد أنكرت أنت التكرار.


- أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [سورة التوبة: ٣٠ - ٣١].
(١) قلت: وقريش وهم من العرب الخلص أهل الفصاحة والبلاغة والعناد للنبي صلى الله عليه وسلم، قد كانوا يلتمسون أي مطعن في القرآن ويسلكون كل طريق لرده، ولو وجدوا زورا لقالوه، ومع ذلك لم يطعنوا في القرآن بما طعن به هذا الأعجمي وهذا دليل على جهله، ووقوف أهل الفصاحة والبلاغة أمامه مشدوهين وخاصة أمام قصصه التي كلما سمعوها في أسلوب غير الأول بهروا وخرسوا أمامه لأن ذلك زاد القرآن فصاحة وبلاغة وإعجازا.
(٢) أي ينزل منجما يقول الله تعالى: وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ ورَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا (٣٢) ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً [سورة الفرقان: ٣٢ - ٣٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>