للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن «١»، ولعل التعظيم بذلك أشد من التعظيم بالتزام ما حلف عليه، إذ قد يحلف أن لا يأكل هذه اللقمة فتركها عليه يسير غالبا، فإذا أكلها لمصلحة دينية وأعتق عوض ذلك رقبة «٢» أو أطعم أو كسى عشرة مساكين أو صام ثلاثة أيام متتابعة «٣» / كان ذلك لا شك أبلغ في تعظيم الله- جل جلاله وتبارك اسمه-.

وأما ما ذكروه عن المسيح من قوله:" لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي الله" فكلام متهافت لا تليق نسبته إلى المسيح. وبيان تهافته: أنه فاسد الاعتبار، إذ النهي عن الحلف بالسماء يقتضي عدم تعظيمها، وكونها كرسي الله يقتضي تعظيمها، وجواز الحلف بها، ثم إن هذا الكلام في الفصل الخامس من إنجيل متى، وهو


(١) قال الله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ واحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة المائدة ٨٩].
(٢) مؤمنة إلا عند أبي حنيفة ورواية لأحمد فتجزئ الذمية. استدلالا بالآية المتقدمة أما الجمهور فاستدلوا بآية سورة النساء (٩٢): فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وهي مقيدة لآية المائدة المتقدمة، وهو الراجح والله أعلم (انظر الإفصاح لابن هبيرة ٢/ ٣٣٤، والمغني لابن قدامة ٨/ ٧٤٣، وتفسير القرطبي ٦/ ٢٨٠ - ٢٨١).
(٣) كفارة اليمين، ثلاث خصال على التخيير: العتق، أو الإطعام، أو الكسوة. فإن عجز عن الثلاث فالصيام. فيكون الترتيب في هذه الحالة. فإن عجز عن الصيام بقيت في ذمته. [انظر نيل المرام شرح عمدة الأحكام ٢/ ١٨٨] وذكر ابن هبيرة في الإفصاح ٢/ ٣٣٤: الاتفاق على ذلك. أما تتابع الصيام فيجب عند أبي حنيفة وأحمد، وعند مالك لا يجب وعن الشافعي قولان الجديد منهما: لا يجب. والأولى التتابع لقراءة ابن مسعود: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ إلا لعذر مرضى أو حيض أو نحوهما فلا يجب. والله أعلم. [انظر حاشية المقنع ٤/ ٢٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>