للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: الجواب من وجوه:

أحدها: أن الشيطان لا يمتنع أن يختص بالدخول في الكلب الأسود لخصيصة فيه من شدة خبثه أو نحو ذلك، كما ذكر في الإنجيل: أن المسيح أخرج الشياطين من الناس فدخلت في قطيع خنازير ثم ألقتها في البحر فغرقت «١».

وقد ذكر ابن الأشل «٢» مطران حمص في تقرير الثالوث:" أن الله سبحانه ظهر في كبش إبراهيم" فإذا جاز في عقولكم أن خالق السماوات والأرض يظهر في كبش فكيف يمتنع ذلك في بعض مخلوقاته أن يظهر في كلب.

الثاني: قال الجاحظ «٣»:" معنى قوله: الكلب الأسود شيطان:/ أن فعله فعل الشيطان لأنه أخبث الكلاب، وأكثرها عقرا للحيوان «٤» ".


(١) انظر انجيل مرقس: الأصحاح الخامس.
(٢) هكذا في (أ)، (م). وقد تقدمت الإشارة إلى أنني لم أجد له ترجمة فيما رجعت إليه من مراجع.
(٣) تقدمت ترجمته في قسم الدراسة ص: ١٨٤.
(٤) لم أجده في كتاب الحيوان. والشيطان الجني يتشكل في صورة إنسان، كما حدث في غزوة بدر.
فقد تشكل في صورة سراقة بن مالك، ووعد المشركين بالنصر، وفيه أنزل الله: وإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ واللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ. [الأنفال:
٤٨]، وفي صورة حيوان: جمل أو حمار أو كلب أو قط، خاصة الكلاب السود. وفي هذا الحديث" الكلب الأسود شيطان" ما يدل على ذلك يقول ابن تيمية- رحمه الله-:" الكلب الأسود شيطان الكلاب، والجن تتصور بصورته كثيرا، وكذلك بصورة القط الأسود لأن الأسود أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة". [عالم الجن والشياطين لعمر الأشقر ص ٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>