للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت أنا: لكن هذا لا يناسب قطعه للصلاة، فيحتمل أن يكون لكثرة خبثه، ويدل على خبثه، سواده كما استدلوا على خبث الأسود من الحيات بسواده، وحيث اشتد خبثه قاربت طبيعة الشيطان في الشر، فاستأنس به- والشكول أقارب «١» - فدخل فيه وقارب المصلي، لينتهز منه فرصة، كما دخل إبليس في في الحية إلى الجنة/ حتى أغوى آدم «٢».


(١) الشكول: جمع شكل وهو الشبه والمثل: يقال هذا من شكل هذا أي من ضربه ونحوه. [انظر لسان العرب ١١/ ٣٥٦ - ٣٥٧، والمصباح المنير ١/ ٣٨٠]. والمعنى الأشكال متقاربة.
والله أعلم.
(٢) هذه الحكاية ذكرت في التوراة في سفر التكوين الأصحاح الثالث. قلت: مما ثبت في تمثل الجن بالحيات، ما في صحيح مسلم [كتاب السلام، باب قتل الحيات وغيرها]: أن أبا السائب دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، فوجده يصلي، قال: فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية. فوثبت لأقتلها. فأشار إليّ: أن اجلس فجلست. فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار. فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت نعم.
قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق. فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بانصراف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذن يوما فقال له صلى الله عليه وسلم:
" خذ عليك سلاحك. فإني أخشى عليك قريظة" فأخذ الرجل سلاحه. ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة. فأهوى إليها الرمح ليطعنها به. وأصابته غيرة. فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش.
فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به. ثم خرج فركزه في الدار. فاضطربت عليه. فما يدرى أيهما كان أسرع موتا. الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له. وقلنا:
ادع الله يحييه لنا. فقال:" استغفروا لصاحبكم" ثم قال:" إن بالمدينة جنّا قد أسلموا. فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام. فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>