للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن رجالا من المسلمين ممن لم يشهدوا بدرا تأسفوا على فوات حضورها فأشاروا بالخروج إلى أحد وألحوا على ذلك لما أراد الله لهم من الإكرام بالشهادة وتصديقا لرؤيا النبي- صلى الله عليه وسلم- حيث رأى في منامه كأنه في درع حصينة، وكأن في سيفه فلولا، وكأن بقرا تذبح. فأول الدرع الحصينة بالمدينة، والفلول في سيفه بأنه يصاب أصحابه، والبقر بمن قتل من الكفار يومئذ «١».

وأما وعده إياهم بالنصر فصحيح. وقد نصروا في أول الحرب وهزم الله الكفار، لكن لما خالف الرماة ما أمرهم به، وتركوا مراكزهم التي «٢» وكلوا


(١) أخرج الدارمي في كتاب الرؤيا، باب في القمص والبير واللبن ... وغير ذلك في النوم. قال:
أخبرنا الحجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا ينحر فأولت أن الدرع: المدينة، وأن البقر: نفر والله خير، ولو أقمنا بالمدينة، فإذا دخلوا علينا قاتلناهم، فقالوا: والله ما دخلت علينا في الجاهلية، أفتدخل علينا في الإسلام، قال: فشأنكم إذا. وقالت الأنصار بعضها لبعض: رددنا على النبي صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاءوا فقالوا: يا رسول الله شأنك فقال: الآن إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعه حتى يقاتل». قلت: ورجاله رجال الصحيح. وقد أخرجه أحمد بنحو هذا اللفظ في المسند (٣/ ٣٥١)، ورجال إسناده رجال الصحيح أيضا. وأخرج أحمد في المسند (١/ ٢٧١) عن ابن عباس قال: تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: «رأيت في سيفي ذي الفقار فلا فأولته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير، فكان الذي قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-" اهـ.
(٢) في (م): للتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>