هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى الذى ترك لنا تفسيره المسمى ((جامع البيان عن تأويل آى القرآن)) المشهور باسم تفسير الطبرى. بجوار ما تركه من مؤلفات قيمة فى التاريخ وغيره.
وكانت ولادته سنة ٢٢٤ هـ فى بلدة آمل عاصمة اقليم طبرستان بإيران وهى كلمة مؤلفة من مقطعين «طبر» آلة من آلات الحرب التى اشتهرت بصنعها المنطقة و «ستان» معناها أرض أو منطقة، أو بلاد مثل «كردستان» - افغانستان.
(أى بلاد الكرد وبلاد الأفغان). فنسب إلى المقطع الأول «الطبرى» واشتهر به ..
وقد عاش نحوا من خمس وثمانين سنة حيث توفى سنة ٣١٠ هـ فى بغداد ودفن (١) بها .. أعنى أنه عاش فى أزهى عصور الاسلام تقدما وانتاجا على كل المستويات الفكرية. وكان من الطبيعى لإنسان موهوب من صغره، محب للعلم، متفان فيه، كالطبرى .. أن يجد ضالته وغذاءه العقلى فى هذا العصر الذى يعيش فيه، لكن ذلك لم يتم له بسهولة .. فالعواصم الفكرية العلمية التى تزخر بالعلماء كانت بعيدة عن موطنه الأصلى، فكان لا بد له من الارتحال إليها بعد أن درس على علماء منطقته، وكان أبوه «جرير» من ورائه يمهد له الطريق وييسر له السبل، منذ أن لمس فى ابنه الصغير نبوغا غير معهود فسافر إلى بغداد والكوفة، ثم ارتحل إلى مصر والشام، ثم استخفه الحنين إلى رؤية موطنه، فذهب إليه ولم يطل المقام فيه، فرجع إلى بغداد، وعكف على التدريس والتأليف، حتى آخر يوم من أيامه، برغم ضعفه وكبر سنه ..
ولقد كان فى كل بلد يحل فيه، يلتقى بفطاحل علمائه، يأخذ عنهم،
(١) مما يذكره التاريخ أن الحنابلة أو أهل الحديث غضبوا عليه لمخالفته لهم فى رأى، فرموا بيته بالحجارة وحاصروه فلم يستطع الخروج حتى مات، ولم يستطيعوا الخروج بجثته من بيته فاضطروا لدفنه فيه!!!