ولقد أخذ على ابن عباس أو على ما روى عنه، كثير من الروايات الغريبة، التى تدل على أن مصدرها ليس هو القرآن، ولا الحديث، ولكن من الكتب والمعلومات الإسرائيلية، مما يقطع- إن صحت نسبة هذه الروايات إليه- بأنه كان يستفيد ممن أسلم من أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار فى موضوعات من القرآن لا تتعلق بعقيدة أو تكليف من التكاليف، فإن هذين لا يصح أن يلجأ فيهما إلى غير ما ورد فى القرآن، ولا يعقل أن ابن عباس كان يروى عنهم فى هذا، لكنه كان يروى- فيما يقول الرواة عنه- فيما يشبع فضول الناس فى القصص التى جاءت فى القرآن الكريم، مما طواه وسكت عنه، وكان مسلمو أهل الكتاب يتحدثون بما يشبع هذا الفضول، الذى لا نزال نرى كثيرا من المسلمين يتعلقون به حتى الآن- وإلا فمن أين جاء لابن عباس أو لغيره، كعلى رضى الله عنهم، بمثل هذه التفصيلات؟ ..
وقد قلت من قبل: إن صحت هذه الروايات .. لأنى أشك فى أن رجلا كابن عباس أو على رضى الله عنهما يسلم عقله ودينه لأمثال هؤلاء ويأخذ عنهم.
وأمامهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلّهم إلى الطريقة التى يجب أن تتبع فى مثل هذه الحالة: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم. ومعلوم أن هذا فى غير ما ورد فيه نص من القرآن، وما هو من أصول وتعاليم الإسلام .. فإنه لو وافق كلامهم ما عندنا صدقناهم. وإن خالفه كذبناهم، فالحديث إذن فيما سكت القرآن عن بيانه فى القصص مثلا. فلا يعقل إذن أن يأخذ ابن عباس عن الإسرائيليين مثلا: لون كلب أهل الكهف، ولا نوع خشب سفينة نوح، وأمثال هذا مما لم يتعرض له القرآن، لعدم الحاجة إليه، ولاكتمال العبرة فى القصة بدونه، ولنهى الرسول عن تصديقهم أو تكذيبهم فيه، لأن نقله عنهم وتعليمه للناس معناه تصديقهم فيه والاقتناع به.
[[يعيب على الأخذ عنهم]]
وإذا أضفنا الى هذا ما رواه الإمام البخارى عن ابن عباس أنه وقف يخطب الناس، وقد هاله اتجاههم لأهل الكتاب، ليشبعوا فضولهم العلمى بسؤالهم عن