فى بداية القرن الرابع عشر الهجرى، ونهايات القرن التاسع عشر الميلادى بدأ تحول كبير فى طريقة التفسير. بدأ من مصر وعلى يد الإمام الشيخ محمد عبده.
وقد كانت التفاسير كما عرفنا- من أول أمرها تدور حول أبحاث لفظية نحوية أو بلاغية أو قراءات، وحول روايات، أغلبيتها الكبرى خرافات، وإسرائيليات. وأحاديث لا أصل لها- وجاء تفسير الفخر الرازى فغلبت عليه العلوم العقلية الفلسفية والفلكية، فدون منها الكثير عند ما يرى مناسبة لذلك فوق المباحث الأخرى .. وقد كان آخر
هذه التفاسير المتداولة بيننا هو تفسير الألوسي المتوفى سنة ١٢٧٠ هـ جامعا لما رأى جمعه وإثباته من التفاسير السابقة عليه ..
وحين ظهر الشيخ محمد عبده بنضجه العقلى، كانت كل هذه التفاسير أمامه، فلم يتقبل طريقتها كما هى، وإنما نحا منحى جديدا فى التفسير، فى دروسه التى ألقاها ببيروت حين نفى إليها، ثم عاودها حين عاد لمصر، وبدأ دروسه فيها من أول القرآن على الطريقة التى رآها تبرز هدايته وأثره فى النفوس، حتى يستعيد المسلمون بهدايته سيرتهم الأولى، فى القوة العلمية والسياسية .. ويتحقق بذلك منهجه فى الإصلاح، الذى تأثر فيه بمنهج أستاذه جمال الدين الأفغانى ..
فالقرآن هو الذى نهض بالمسلمين الأول، وهو الذى ينهض بالمسلمين الآن، متى تشربوا هدايته، كما تشربها السابقون ..
على هذا الأساس بدأ تفسيره للقرآن، هادفا إلى إبراز هدايته للنفوس، بعيدا عما جرى عليه المفسرون السابقون، مما كان يذهب ببهاء المعانى، وروح الهداية.
ويضيع الهدف المقصود منه «هدى للمتقين».
يقول السيد محمد رشيد رضا فى مقدمته لتفسير المنار وهو الذى تشرب روح الأستاذ الإمام: