يسميه المرحوم الأستاذ محمود تيمور. ولكنه ينظر نظرة هامة فى الجهازين وهما يؤديان عملهما. ويستدل من ذلك على قدرة العقل البشرى الذى صنعهما. وحتى لو ظهر منه سؤال- فلتة أو اعتباطا-: كيف يتم نقل الصوت والصورة؟ فإن من غير المناسب أن يجلس العالم بذلك، فيشرح له دقائق هذه العملية، لأن عقله لا يستوعبها، وليس لديه أساس علمى يمكن أن يقوم عليه هذا الشرح ..
. فالاشتغال بذلك- اذن- مضيع للوقت، ومجاف للحكمة. ولذلك يكون من الحكمة توجيه الجواب وجهة يحتملها عقله، وهذا هو ما سلكه القرآن الكريم.
[سؤال عن الأهلة:]
فقد روت لنا كتب التفسير فى أسباب نزول قوله تعالى:(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) ما يشبه هذا. قال معاذ بن جبل رضى الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوى، ثم لا يزال ينقص، حتى يعود كما بدا، لا يكون على حالة واحدة كالشمس) وجواب هذا السؤال عرفناه ونحن صغار ندرس حركة القمر الشهرية، وموقعه بالنسبة للشمس والأرض، ورسمنا له الخريطة التى توضح أشكال القمر مع إظهار الجزء المنير منه، المواجه للشمس من ناحية، وما يظهر لنا نحن سكان الأرض من هذا الجزء المنير الذى يؤدى إلى أشكال القمر التى يراها الناس جميعا، أعنى أن الجواب أصبح فى متناول الطلاب الصغار الآن ...
ولكنه وقت نزول القرآن، لم يكن من المناسب توضيحه للعرب، وليست عندهم أوليات علمية عن الشمس والأرض والقمر من هذه الناحية .. ولم يكن لدى الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك علم بأسباب هذا التغير، لأن علمه ليس من مهمته. وكان من الممكن أن ينزل القرآن به، كما نزل بكثير من الأجوبة، التى كان لا يعرفها الرسول، ولكنا نرى القرآن حين ينزل بالرد عليهم، يتجه وجهة أخرى، غير ما سأل عنها معاذ، وهى بيان فوائد حركة القمر لنا .. (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)؛ لأن هذا هو الذى كان يمكنهم فى ذلك الوقت فهمه ..