ولعل هذا يجرنا إلى بحث موضوع «القرآن والعلم»، والقرآن من الدعوات الأساسية التى دعا إليها واعتمد عليها دعوته للعلم بشتى أنواعه.
ولذلك فنحن نتقبل فى أى تفسير بعض الحقائق العلمية، التى تبرز ما أشار إليه القرآن، وما رمى إليه من ذكر الدلائل الكونية، ولكن الكثير منه فى التفسير يشتت الذهن فعلا، وينقله إلى جو آخر. فالقليل منه نافع، والكثير يشوش الذهن ويبعده عن جو القرآن وسياقه .. هذا إذا لم نشد الآيات، ونلو عناقها، لتقبل تفسيرا علميا فيه كثير من التفتت ان لم يكن التفتت نفسه ..
فيصبح غير مقبول نهائيا ...
وكلا التفسيرين، يمكن أن نقول عنهما: تفسيرا علميا، لكثرة ذكر العلوم والاستدلال بها فيه ..
وأحب أن أذكر هنا وأؤكد أن هناك فرقا كبيرا، بين أن نستعين بالعلم، لتوضيح معنى آية أو جملة أو إظهار إعجاز القرآن، وبين أن تؤول الآية أو الجملة أو الكلمة تأويلا تعسفيا، لتكون مطابقة لما يقال من أنه علم ..
فمثلا قوله تعالى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» حين يأتى المفسر ويقول إن العالمين جمع عالم، وتكون بمعنى العوالم المخلوقة من انسان وهو أشرفها وغيره، ويأخذ فى ذكر هذه العوالم الأخرى وما فيها من أسرار، وتنظيم دقيق، كعالم الأرض والسماء، ثم عالم النبات والحيوان والحشرات. والأسماك، والنجوم والأفلاك الخ .. ويبين أن الله خلق هذه العوالم، وأعطى كل شىء خلقه ثم هدى، لأنه ربها، ومتولى أمرها، وراعيها وحافظ حياتها. لتؤدى دورها، ثم يمتد بحثه عن هذه العوالم الأخرى المشابهة لعالمنا كما بحث العالم المؤمن الاستاذ الغمراوى (١) يكون قد خدم القرآن بهذا دون خروج على نصه»
(١) كما جاء فى كتابه الذى جمع فيه بحوثه العلمية القرآنية «الاسلام فى عصر العلم» فى الفصل الأول من الكتاب الرابع «الأعجاز العلمى للقرآن» ص ٢٢١.