وبهذه الصورة تجده متحمسا غاية التحمس لمنهجه، لأنه يؤدى للمسلمين فرض عين عليه وعليهم، لترقى الأمة فى عقيدتها ومعرفتها بربها، وفى حياتها.
ولم يعتمد فيما ذكره وأفاض فيه من أنواع العلوم إلا على الحقائق والنظريات العلمية السائدة يذكرها، ثم فى النهاية يستخرج منها العبرة التى من أجلها ساق الله الآية وهى الايمان بقدرة الله وعظمته فى تدبيره لخلقه ..
وقد شرع فى هذا التفسير على طلبته بدار العلوم أولا، ثم سار فيه حتى أتمه فى خمسة وعشرين جزءا كبارا، وطبع حال حياته بمصر من ١٣٤١ هـ إلى سنة ١٣٥١ هـ ١٩٢٢ - ١٩٣٢ م، ولم يلق الإقبال الذى يستحقه، ربما لتغلغل منهج الشيخ عبده فى النفوس، وقد ولد عليه رحمة الله ١٢٨٧ هـ- ١٨٧٠ م وتوفى ١٣٥٨ هـ- ١٩٤٠ م .. مخلفا وراءه هذا العمل العظيم الذى قام به، مهما تختلف فيه الآراء من جهة فائدته فى التفسير وبيان معانى القرآن ..
[الفخر الرازى والشيخ طنطاوى]
وإننى أعتقد أن الهدف الذى دفع الفخر الرازى لكى يستعمل علوم عصره فى إظهار هداية القرآن وبيان عظمة الله، هو الهدف الذى دفع الشيخ طنطاوى لتفسيره .. والفرق بينهما، هو الفرق بين العلوم فى عصر الرازى، والعلوم فى عصر الشيخ طنطاوى .. فما ذكره الشيخ طنطاوى من علوم، متقدم كثيرا عما ذكره الفخر الرازى منها، كتقدم العلوم الآن عن عصر الرازى .. ولا شك أن الفائدة والعبرة من معلومات العلوم الآن، أكثر وأغزر مما كانت فى عهد الرازى ..
والذى أخذ على الرازى فى توسعه فى ذكر العلوم، يؤخذ على الشيخ طنطاوى .. والذى يعجب بالرازى، يعجب أكثر بالشيخ طنطاوى ..
وقد أخذ على الرازى من قبل أنه يشتت الذهن والقلب، ويبعدهما عن هدى القرآن، والعيش فى جوه، إلى مباحث علمية لا بدّ للانسان من التركيز عليها عند قراءتها .. وهو ما يؤخذ على الشيخ طنطاوى أيضا، كما يؤخذ على غيرهما من المفسرين الذين اشتغلوا بالمباحث اللفظية والفقهية والمجادلات