ويقدم غذاء طيبا للقارئ الذى يحرص على فهم القرآن فى سهولة واختصار وقت .. وقد نسيت أن أذكر أن فضيلة المرحوم الشيخ محمود شلتوت بذل جهدا فى التفسير مشكورا، سواء كان فى المحاضرات التى أشرت إليها، أو فى ندوات أخرى، وقد خرج له كتاب فى تفسير ثلث القرآن تفسيرا موضوعيا سهلا، لم يتبع فيه طريقة الأقدمين، ولكنه ساق تفسيره فى خطة جديدة، وبأسلوبه الشيق، وهو مطبوع متداول أيضا ..
وهكذا نرى أن اتجاه العلماء الآن فى التفسير، قد استفاد وتأثر بمنحى الشيخ عبده فيه، وأصبح هو الاتجاه الغالب.
[[طريقة تدريس التفسير]]
ومع ذلك فإن الطريقة التى لا تزال متبعة فى تدريس التفسير بالأزهر وغيره هى الطريقة التقليدية القديمة، والكتاب المقرر على الطلاب كتاب من هذه التفاسير القديمة، كالنسفى والجلالين أو غيرهما .. والمدرس ملزم بملازمة الكتاب وتفهيمه للطلاب، ويتخرج الطالب عالما وهو متشبع بهذه الطريقة التقليدية، وبالأقوال والروايات الواردة فى هذه التفاسير، مع ضعفها أو بطلانها .. دون أن يأخذوا وجبة روحية من القرآن وتفسيره ..
وكنت وأنا أدرّس التفسير بالأزهر وفى الخارج طوال المدة التى اشتغلت فيها بالتدريس، أعانى ضيقا فى الجمع بين دراسة الكتاب، وتفهيم الطلاب ما جاء فيه، من نحو، وقراءات، وآراء، وروايات، وهذا يأخذ جل الوقت أو كله، وبين الطريقة التى أنا مقتنع بها، وهى طريقة الشيخ عبده فى استخلاص العبرة وربط الآيات بالحياة ومشكلاتها .. مما يتشوق إليه الطلاب .. ويخرجون منه بفائدة ووجبة معنوية من القرآن ..
لكنى استطعت أن أخصص وقتا قصيرا للمباحث اللفظية، ثم أصرف كل الوقت للدراسة التى أراها مفيدة ..
وكنت أشبه الدراسة التقليدية بدراسة عالم الطبيعة لجسم الإنسان فى المعمل، مما يضطره لفك أجزائه، والتحدث عنها، جزءا هنا وجزءا هناك،