ولعل من المناسب ونحن نتحدث عن القرآن والعلم الحديث، وعما كتبه المسلمون فى هذه الناحية وقرروه من أنه لا يوجد تناقض بين مقرارات القرآن ومقرارات العلم، أقول: لعل من المناسب أن نذكر هنا دراسة قام بها عالم طبيب فرنسى مشهور هو «موريس بوكاى» عن العلم والكتب المقدسة الثلاثة:
التوراة والإنجيل والقرآن، ونشرت هذه الدراسة الدقيقة دار الكندى فى بيروت بعد أن ترجمها نخبة من الدعاة بالعنوان المذكور، ثم قامت دار المعارف المصرية بترجمة هذه الدراسة ونشرها تحت عنوان: دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة.
والترجمة البيروتية فى ٢١٧ صفحة والترجمة المصرية فى ٢٨٨ صفحة من القطع نفسه ..
والكاتب لم يكن قد أسلم بعد حتى يتهم بالتحيز للاسلام، ولكنه كان مسيحيا، حين أقدم على هذه الدراسة، يدين للتوراة والإنجيل بالولاء، كما هو معروف عن المسيحيين .. ولكن- والحق يقال- كان موضوعيا جدا فى دراسته، محايدا بين الكتب الثلاثة، شأن العالم الحقيقى، فخرج من نتيجة دراسته .. بإظهار الحقيقة التى تنطق بصدق القرآن، وأنه من عند الله حقا، وأنه لم يجد فيه رائحة تناقض مع مقررات العلم الحديث .. وإنما وجد فى غيره، ولذلك أسلم.
ويقول فى مقدّمته ص ١٢ فى طبعة دار المعارف:
«هذه التأملات حول الصفة المقبولة أو غير المقبولة علميا، لمقولة فى كتاب مقدس. تتطلب منا إيضاحا دقيقا، إذ علينا أن نؤكد أننا عند ما نتحدث هنا عن حقائق العلم، فإننا نعنى بها كل ما قد ثبت منها بشكل نهائى، وأن هذا الاعتبار يقضى باستبعاد كل نظريات الشرح والتبرير التى قد تفيد فى عصر ما لشرح ظاهرة، ولكنها قد تلقى بعد ذلك تاركة مكانها لنظريات أخرى أكثر