ولم يكن الأمر إلا شرارة مست قلب شاب تخرج فى المعاهد الهندية، ثم جاء إلى مصر يزورها، ويتعرف على الحركات الدينية والوطنية بها- سنة ١٣٢٦ هـ- ١٩٠٨ م بعد وفاة الإمام محمد عبده- وهو فى سن العشرين، والتقى بالسيد رشيد، وأعجب بمنهجه، وطريق دعوته، وبمدرسة الدعوة والارشاد التى افتتحها، ولم يمكث بمصر طويلا، ولكن العلاقة توطدت بينه وبين السيد رشيد. وكانت المراسلات العلمية والاسلامية الوطنية بينهما متواصلة.
[[أبو الكلام أزاد]]
هذا الشاب هو مولانا أبو الكلام أزاد، الذى صار فيما بعد صاحب الإمامتين- كما كان يدعى فى الهند- إمامة فى الدين، وإمامة فى السياسة، حين قاد حركة التحرير فى أشد أوقاتها أثناء الحرب العالمية الثانية، وتولى المفاوضات مع الانجليز، باسم الهند والحزب الوطنى، الذى كان يرأسه طوال مدة الحرب ..
ومع أن «أزاد» زار تركيا، وبلادا عربية أخرى، إلا أن الشرارة التى مست عقلة وقلبه كانت من مصر، من مدرسة الإمام الدينية. فعاد للهند متأثرا بهذه المدرسة، حتى ألف جماعة هناك، على نسق جماعة أو مدرسة الدعوة والإرشاد التى انشأها السيد رشيد، وقر عزمه على أن يتخذ من الاسلام وروحه، الوسيلة لإلهاب روح التحرر فى نفوس المسلمين، فأصدر مجلتين:
الهلال ثم البلاغ، لتقوما بهذه المهمة، وكان ينشر فيها تفسيرا للقرآن على النسق الذى تشيع به، بجوار مقالاته الأخرى .. وبدأ بالهلال فى ١٢ يونيو ١٩١٢ م- ١٣٣٠ هـ ثم لما صودرت، أصدر «البلاغ» فصادرها الانجليز ..
يقول علامة الهند السيد سليمان النّدوي:«لا شك أن مجلتى الهلال والبلاغ لأبى الكلام أزاد، قد كونتا الذوق القرآنى لدى الشبان المسلمين، وفتحتا نوافذ جديدة أمام الجيل الجديد، وعرضتا الآيات القرآنية بأسلوب بلاغى، يتسم بالحكمة، وجودة الصناعة، مما أنار القلوب بنور الإيمان واليقين، وكشفتا معانى القرآن وسمو قول الرحمن»