السيد محمد رشيد رضا من قرية القلمون جنوب طرابلس لبنان .. وقد زرت بيته فيها، وأنا أزور ابن أخيه العالم الفاضل السيد عاصم رضا- عليه رحمة الله- فى الستينات .. وقد درس على علماء بلده «طرابلس» حتى أكمل دراسته هناك، واطلع على أحد أعداد مجلة «العروة الوثقى» التى كان يصدرها محمد عبده مع جمال الدين من باريس، فتأثر بما كتبه الشيخ عبده فيها واشتاق إلى لقائه، ثم حانت له الفرصة، فشد رحاله إلى مصر سنة ١٣١٥ هـ ١٨٩٧ م. ليلتقى فيها بالإمام ..
وعقب وصوله إلى مصر فى رجب سنة ١٣١٥ هـ اتصل فورا بالإمام .. وكان أول اقتراح له عليه أن يكتب تفسيرا للقرآن ينفخ فيه من روحه التى وجدنا روحها فى مقالات (العروة الوثقى) ... فاعتذر بأن العمر لا يتسع لتفسير كامل، فاقترح عليه أن يقرأ درسا فى التفسير. فكان يعتذر باستمرار عن الكتابة وعن الدروس .. وكان يصده عن الكتابة- كما ذكر- أن القارئ لا يستفيد كثيرا من الكتاب كما يستفيد السامع. وإذا وصل الكتاب لأيدى هؤلاء العلماء، وفيه غير ما يعلمون، لا يعقلون المراد منه، وإذا عقلوا منه شيئا، يردونه ولا يقبلونه، وإذا قبلوه حرفوه إلى ما يوافق علمهم ومشربهم.
وكان يعتذر عن الدروس بأنه- على عكس بعض الناس- تؤثر فيه حال المخاطب «ولذلك لا أتكلم بشيء عن حالة الاسلام، عند ما أجتمع بهؤلاء العلماء، لأن أفكارهم منصرفة عن ذلك بالكلية، وإذا كان هناك من يلقى بالا لما أقول يفتح الله على بكلام كثير.
ويقول السيد رشيد: ولم أزل به حتى أقنعته بقراءة التفسير فى الأزهر، فاقتنع، وبدأ الدرس بعد ثلاثة أشهر ونصف- أى فى غرة المحرم سنة ١٣١٧ هـ مايو ١٨٩٩ م، وانتهى منه فى منتصف المحرم سنة ١٣٢٣ هـ مارس- ١٩٠٥ م عند تفسير قوله تعالى «وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً» من الآية ١٢٥ من سورة