بقى معنا الآيات التى تتحدث عن مظاهر قدرة الله فى خلقه: فى الإنسان، وفى السماء والأرض، وتلفت النظر إلى التدبر فيها حتى يصل العقل من خلال ذلك إلى الإيمان بقدرة الله الواحد. هذه الآيات تتحدث عن سنن الله فى كونه: وعن بعض الظواهر التى يراها الانسان، ويستطيع العربى العادى، أن يأخذ منها عبرة عامة. وهذا كاف فى الهداية والاتعاظ، ولكنها تحوى اشارات إلى حقائق علمية، تظهر لدارس القرآن، كلما تقدم العلم، وكشف شيئا من أسرار هذا الكون ...
ومما لا شك فيه أن العرب حين نزول القرآن لم تكن عندهم قدرة لتفسير هذه الآيات على الأساس العلمى الذى أمكن أو يمكن أن نفسر به بعضها الآن إذ لم يكن عندهم معلومات علمية يستقبلون بها هذه الآية كما يستقبلها اليوم بعض علماء الطب والفلك والزراعة والجيولوجيا .. أو كما استقبلها بعض المسلمين العالمين بهذه العلوم فى العصر العباسى وما بعده
لم تكن عندهم طاقة لفهم الدقائق التى يفهمها هؤلاء العلماء اليوم، ولذلك لم يفهموها إلا فهما إجماليا أو لم يتناولوها بالشرح إلا على قدر جهدهم.
وكذلك علماء التفسير الذين فسروا القرآن حتى الآن تقريبا. إلا قليلا جدا.
اكتفوا بالتفسير اللفظى البلاغى النحوى، مع النظرة العامة للمظاهر التى تتحدث عنها الآية، ويفهمها المفسر ويبرز العبرة منها .. وربما أضافوا للتفسير شيئا مما سمعوه من الاسرائيليات التى لبست عليهم، كما فسروا مظاهر الرعد والبرق وغير ذلك مما نراه وننكره فى كتب التفسير التى بين أيدينا ..
ومن المعروف أنه على قدر تفتح الذهن، وعلى قدر المحصول العلمى للانسان، يكون اتجاهه فى المعرفة والسؤال عما يتطلع إلى معرفته ..
فالريفى الجاهل فى القرية الذى لم يقرأ ولم يكتب لا يستطيع وهو يسمع الإذاعة ويشاهد التليفزيون أن يتجه ذهنه إلى السؤال عن دقائق صنع المذياع والتلفاز، كما كان يؤثر المرحوم الدكتور أحمد زكى أن يسميه، أو المرناء كما كان