[المنهج الفكرى فى الحياة الجديدة وصلته بفهم القرآن]
هذا المنهج الفكرى كان من الضرورى أن يكون ملائما ومتناسقا مع الحياة الجديدة وضروراتها وفى إطارها، وإذا أمكن أن نستعمل مصطلحات العصر الحديث، قلنا: إنه كان من الضرورى أن يكون فى خدمة الحياة الجديدة ومتطلباتها، كما يقال الآن: يجب أن يكون العلم فى خدمة الإنتاج مثلا، وأن يغذى الإنتاج الفكرى الأهداف العامة للدولة، وذلك من أجل تماسك البناء، وهو لا يزال جديدا، وعدم إصابته بهزات عكسية، تترك عليه آثارها من التخلخل والتشقق ..
فكل ما يتصل بالعقيدة وتمتين بنائها مقبول بل مطلوب. أما أن تثار حولها شبهات ومجادلات نظرية تشتت العقول، تدخلنا فى التيه، فذلك أمر غير مقبول .. وذلك مثل الكلام فى القضاء والقدر الذى لم ولن ينتهى إلى نتيجة حاسمة ولذلك نهوا عنه ..
وكل ما يتصل بتصحيح العمل- عبادة كان أم معاملة- فالكلام والسؤال والجواب فيه مقبول. بل مطلوب كذلك، ولكن بقدر ما يصحح العمل، دون الاسترسال وراء شهوة الكلام والجدل والافتراضات.
ولقد كان القرآن ينزل فى شأن هذا وذاك، والرسول يتابعه بالبيان القولى أو التطبيقى بحيث لا يترك شيئا يحتاج إلى بيان إلا وضحه .. ومع ذلك فمن الجائز أن يبقى هناك شىء غامض لدى بعض الناس. وهذا يحمد منهم أن يستوضحوا أمره .. ومن الجائز أن تنزل آية، ويفهم منها الصحابة شيئا من التكليف الغير المستطاع أو شيئا يخالف ما فهموه من قبل فيلجئوا إلى الرسول ويسألوه، فيوضح لهم الأمر، مسرورا بإقبالهم على فهم دينهم ..