أو قوله تعالى «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها» فيتحدث عن الثمرات وتنوعها وخاصيتها، ويبين على ضوء العلم سر قدرة الله فى خلق هذه الثمرات، وفى مختلف المناطق، ولكل منطقة ثمارها والوانها الخ .. مقتصدا فى بيان ذلك، بحيث لا يفسر الآيات عنوة على معنى، أو يفسر تفسيرا مخلا .. بل إنه يلقى ضوءا فحسب على ما يشير الله إليه، ليزيدنا إيمانا .. بهذا يكون العلم فعلا فى خدمة الإيمان والقرآن. وداعيا إليه.
وحين نذكر آيات خلق الانسان وتكون الجنين من «نطفة أمشاج» ونستعين بما وصل إليه العلم من مناظير وتشريح وتحليل، لبيان ما أشار الله إليه من عظيم قدرته فى خلق الإنسان- حين نفعل ذلك- لا نكون متعسفين فى استخدام العلم فى تفسير القرآن .. بل إننا نثاب على ذلك.
ولا يخشى على الحقيقة القرآنية من التغييرات فى النظريات العلمية، فإن النظرية العلمية مهما تتغير لا تخرج عن أنها تكشف جديدا فى التطور أو فى بيان قدرة الله، وإن كنا لا نشجع على بيان معانى القرآن وأسراره على ضوء نظريات لا تزال محل بحث. ومع ذلك .. فإنه لا يضر فى رأيى أن نبين معنى أو نذكر شيئا على أساس علمى ثم يظهر ضعفه، أو خلافه فيما بعد، لأن هذا الفهم لا يقدح فى القرآن، ولأن هذا الذى وصلنا إليه وقلناه، يمثل عقليتنا وعلمنا نحن حين قلناه، ولا يمثل حقيقة القرآن، وفى تفسيرات القرآن التى بين أيدينا الآن نجد أقوالا من علماء أفاضل فى تفسير الآية نراها متهافتة، ومع ذلك لا نعيب إلا على قائلها وفهمه ولا نعيب القرآن ..
ومع أن هذه هى الطريقة التى يمكن أن نقف عندها ونستعملها دون انزعاج، فإن ما يثار أحيانا من تفسيرات علمية تافهة ومتعسفة، تسيء للتفسيرات للجادة، وقد تروج وتشتهر بين الناس، ويكون ضررها أكثر من نفعها .. فى فهم القرآن، ولكن إلى حين .. وذلك كالذى فسر آيات سورة الرحمن حين ظهور مراكب الفضاء ووصولها للقمر، وذهابها إلى ما بعد الغلاف الجوى المحيط بالأرض.