للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحب القاموس المحيط .. هذا التفسير ضعيف الصلة بابن عباس إن لم نقل إنه مما نسب إليه زورا ..

يقول المرحوم الشيخ محمد على النجار فى مقدمته لكتاب البصائر (١) للفيروزآبادي وهو يتحدث عن مؤلفاته وآثاره: «ومن هذا أنه جمع ما يروى فى التفسير عن ابن عباس، واعتمد على رواية محمد بن مروان عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس. ويقول السيوطى فى الاتقان (٢) فى النوع الثمانين الذى عقده لطبقات المفسرين: إن أوهى الطرق عن ابن عباس طريق الكلبى عن أبى صالح عنه. فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدى الصغير فهى سلسلة الكذب»

ومع أن هذه هى حقيقة كتاب التفسير المنسوب لابن عباس، فإن جمهرة العلماء والمتعلمين لا يعرفون هذا ويأخذون كل رأى فيه على أنه لابن عباس!!

أرأيت إلى هذه المظاهرة الكبيرة التى أقامها المفسرون والرواة لابن عباس وما نسب إليه، والتى اندس فيها كثير من ذوى الأغراض المشبوهة، ودسّوا عليه نسب كثير من الكتب والروايات؟

ومع أنه من المعروف عند رجال الجرح والتعديل- أو بلفظ آخر عند نقاد الرواة- أن طرق الرواية عن ابن عباس كثيرة، وأنهم لم يعتمدوا إلا القليل منها، وزيفوا الكثير. فإن بعض المفسرين لم يتحر الدقة فى الرواية عن الموثوق بهم، وترك من عداهم، بل روى عن هؤلاء وهؤلاء دون أى تعليق، ثم جاءت طبقة أخرى من المفسرين أغفلوا أسماء الرواة .. وأوردوا ما رووه من أقوال منسوبة إلى ابن عباس وكأنها قضية مسلمة. وقرأ القراء ذلك، دون أن يخالطهم شك فى نزاهة المفسر، وفى صحة هذه الأقوال التى أوردها، فقبلوها، وتحدثوا بها، واعتمدوا عليها فى تفسيرهم. فدخل من هذه الناحية على التفسير وعلى العقول خلط كثير.


(١) حققه المرحوم الشيخ محمد على النجار وصدر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة سنة ١٩٦٤ م، ص (١٠) من مقدمة الجزء الأول.
(٢) (١٨٩) من الجزء الثانى طبعة حجازى بالقاهرة.

<<  <   >  >>