* ويجرّ الحديث عن الأولاد وحرمة قتلهم إلى الحديث عن أهم وأخطر مبدأ من المبادئ المتعلقة بالأسرة، وهو المبدأ السادس في سلسلة هذه المبادئ الإنسانية فيقول الله
عزّ وجلّ: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا والمنهى عنه في الآية إنما هو الزنى، ولكن الآية لا تنهي عن مباشرة ارتكابه فقط كما في الآيات السابقة، وإنما هي تنهى هنا- كما ترى- عن مجرد قربه والدنو إليه؛ ففي الآية تقرير واضح للنهي عن مباشرة أسبابه وذرائعه ومقدماته، كاختلاط وخلوة وتبرج ونحوه، ذلك لأن القرب ليس إلا كناية عن ممارسة هذه الدوافع والأسباب. وفي الآية أيضا تقرير لخطورة هذه الفاحشة وأن عدم مفارقتها لا يكون إلا بالتباعد عن أسبابها وذرائعها القريبة والبعيدة، أما بعد اقتحام الأسباب والذرائع فإن الدوافع البشرية تجمح بصاحبها نحو الشر الذي تعرّض له وهيهات أن يقوى عندئذ على كبحها والتغلّب عليها.
و «فاحشة» في الآية صفة لمحذوف أي كان فعلة فاحشة، وساء سبيلا، أي بئس طريقا طريقه، لما فيه من الخطر على الأسرة والمجتمع ولما فيه من مختلف الشرور الأخرى.
* ومع النهي عن الزنى، تحين المناسبة للنهي عن القتل، فهما جريمتان متقاربتان ومتشابهتان في الخطورة والضرر على المجتمع، وكلّ منهما يشبه الآخر من بعض النواحي، وهو المبدأ السابع فيما توصي به هذه الآيات: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ولا تقتلوا النفس أيّ نفس كانت، ما دامت أنها نفس أي روح ... إلا أن يكون ذلك لحق يستوجبه ويقتضيه. وهكذا تلك صياغة الآية على أن الأصل في كل روح أن تكون مصونة عن الإزهاق، وما يخالف هذا الأصل إنما يأتي لعارض.
وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً من قتل بدون مسوغ من الحق المذكور فقد جعلنا لمستحق دمه تسلّطا على القاتل في الإرادة والحكم، فإن شاء طالب بالقصاص وإن شاء بالدّية وإن شاء عفا.
فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ، إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً عبّر بهذا النهي عن كل ما قد يقوم به وليّ المقتول من مظاهر الانتقام المختلفة، بأن يقتل في مكان الواحد