بقلبه، لكن ما وقع فيه بطرس كان شكاً كذاك الذي وقع فيه التلاميذ، لقد سمع من المسيح تنبأه بنجاته، فإذا به يصحو من نومه في البستان، ويراه مأخوذاً، كما خيل له، فوقع منه الشك في المسيح، ثم الإنكار له في مجمع الظلمة.
ولو فرضنا جدلاً أن المسيح تنبأ بصلبه وقتله، فإن ذلك لا يمنع بالضرورة أن يصرف الله قضاءه عن المسيح، فينجيه، ولذا فإن المسيح كان يناجي الله طالباً منه صرف كأس الموت عنه، فدعاؤه الطويل في البستان دليل على يقينه بإمكانية النجاة، وإلا كان دعاؤه نوعاً من العبث وإضاعة الوقت فيما لا طائل من ورائه.
ولو تأملنا في قصة الملك حزقيا لرأينا شاهداً مطابقاً لما بين يدينا، يقول سفر إشعيا:"في تلك الأيام مرض حزقيا للموت، فجاء إليه إشعياء بن آموص النبي، وقال له: هكذا يقول الرب: أوص بيتك، لأنك تموت ولا تعيش".
لكن الملك حزقيا لم ييأس " فوجه حزقيا وجهه إلى الحائط، وصلى إلى الرب، وقال: آه يا رب، اذكر كيف سرتُ أمامك بالأمانة وبقلب سليم، وفعلتُ الحسن في عينيك، وبكى حزقيا بكاء عظيماً".
ولم يخيبه ربه، بل استجاب لتضرعه ودعائه " فصار قول الرب إلى إشعياء قائلاً: اذهب وقل لحزقيا: هكذا يقول الرب إله داود أبيك: قد سمعت صلاتك، قد رأيت دموعك، ها أنذا أضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة، ومن يد ملك أشور أنقذك وهذه المدينة، وأحامي عن هذه المدينة"(إشعيا ٣٨/ ١ - ٦)، فقد رفع الله حكمه المقدر في حق حزقيا بحكم آخر، فقد قبِل تضرعه واستغاثته، وقبوله تعالى دعاء عبده البار المسيح من باب أولى.
ومثله في الوعيد الذي توعده الله للملك اخآب ثم عفوه عنه لتضرعه واتضاعه بين يدي ربه. (انظر الملوك (١) ٢١/ ١٩ - ٢٩).