ويتعبون، وما تزال النساء تتوجع في الولادة ... ويستوي في ذلك النصارى المفديون - حسب العهد الجديد- بدم المسيح وغيرهم.
والعجب من إصرار النصارى بعد وقوع هذه العقوبات على أن الذنب ما زال مستمراً، وأنه لابد من فادٍ بعد هذه العقوبات الشديدة التي نالها أصحابها.
ولابد أن ننوه هنا إلى أن النص التوراتي يحمل القدر الكثير من معاني الظلم لآدم وحواء؛ إذ يجعل وقوعهما في المعصية وهما غير مؤهلين للتمييز بين الخير والشر، فقد أُعطيا هذه القدرة بعد أكلهما من شجرة معرفة الخير من الشر، فقد أذنبا وهما جاهلين حتى بعريهما "فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر"، ومن جهل مثل هذا الأمر البسيط لا يمكنه - بالضرورة - التمييز فيما هو أكبر وأعمق، كمعرفة عاقبة إطاعة الحية التي غرَّته بقولها:" يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر ".
وفي هذا الصدد نسأل سؤالاً لا يجوز إغفاله أو الحيدة عن إجابته: كيف جهل الأنبياء ذلك المعتقد الهام، فلم يذكروه في كتبهم كما لم يذكره المسيح ولم يعرفه تلاميذه من بعده، حتى جاء به بولس وآباء الكنيسة، فكشفوا ما غاب عن الأنبياء والمرسلين.
[مسئولية الإنسان عن عمله]
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص التي تحمل كل إنسان مسئولية عمله.
وقد تعاقَب الأنبياء على التذكير بهذا المعتقد في نصوص كثيرة ذكرتها التوراة والأناجيل.
ومنها ما جاء في التوراة "وكلم الرب موسى وهارون قائلاً: افترزا من بين هذه الجماعة، فإني أفنيهم في لحظة، فخرّا على وجهيهما وقالا: اللهمّ إله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة"(العدد ٢٦/ ٢٣)، واستجاب الله لهما فعذب بني قورح فقط دون بقية إسرائيل.
وجاء في سفر المزامير:" الأخ لن يفدي الإنسان فداء، ولا يعطي الله كفارة عنه "(المزمور ٤٩/ ٧).
وأيضاً في التوراة:" لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته "(الأيام (٢) ٢٥/ ٤).