ويقول القس لبيب ميخائيل:" الأعمال الصالحة حينما تؤدى بقصد الخلاص من عقاب الخطيئة تعتبر إهانة كبرى لذات الله، إذ أنها دليل على اعتقاد من يقوم بها، بأن في قدرته إزالة الإساءة التي أحدثتها الخطيئة في قلب الله عن طريق عمل الصالحات ... وكأن قلب الله لا يتحرك بالحنان إلا بأعمال الإنسان، وياله من فكر شرير ومهين ". (١)
وهذا كله مستقى من بولس حين قال:" الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس .. لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما .. لأنه إن كان الناموس بر، فالمسيح إذاً مات بلا سبب "(غلاطية ٢/ ١٦ - ٢١).
وهكذا كانت عقيدة الخلاص البولسية سبيلاً لإلغاء الشريعة والتحلل من التزاماتها.
[الخلاص والأعمال عند المسيح وتلاميذه]
وإذا كان بولس ولوثر لا يريان للأعمال والناموس أثراً في تبرير الإنسان وفدائه؛ فإن نصوصاً كثيرة تشهد بغرابة هذه الفكرة عن المسيح وأتباعه، إذ الأعمال حسب تعليمهم هي الطريق إلى ملكوت الله الأخروية.
ومن ذلك أن المسيح أمر بالتزام الشريعة "خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلاً: على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون، فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا، لأنهم يقولون ولا يفعلون"(متى ٢٣/ ١ - ٣).
وفي شأن الناموس وتعظيمه قال: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض، بل لأكمّل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء
(١) المسيح عليه السلام بين الحقائق والأوهام، محمد وصفي، ص (٦٧ - ٦٨، ١٥٣)، مسيحية بلا مسيح، كامل سعفان، ص (٤٩)، وانظر كتاب "المقارنة بين الدين الكاثوليكي والمذهب البرتستنتي" للأنبا أغناتيوس.