للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم أُرسل المسيح؟

يحصر النصارى مهمة المسيح المتجسد بالصلب ليتحقق الحب الإلهي للبشر، والمتمثل بالفداء والخلاص من خطيئة أبينا آدم والخطية الموروثة لذريته، كما قال يوحنا: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية " (يوحنا ٣/ ١٦).

وهو " الذي لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين " (رومية ٨/ ٣٢).

ونص يوحنا قول مهم في بيان مهمة المسيح، لكن أحداً لم يذكره غير كاتب يوحنا المجهول، فإما أن يكون القول من عنده كذباً وزوراً، وإما أن نقول بأن الإنجيليين الثلاثة فرطوا أيما تفريط في ذكر أهم مقتضيات إرسال المسيح.

ويكذب هذا النص المهمات التي أطبقت على ذكرها الأناجيل، فإن آدم والخطيئة الأصلية لم يردا على لسان المسيح أبداً، فضلاً عن الزعم بأنه جاء من أجل تكفير هذه الخطيئة، يقول فيلسيان شالي: "ومن الغريب أن هذه الفكرة لا توجد، لا في أعمال الأنبياء، ولا في الأناشيد، ولا في الأناجيل، ولا يشير إليها يسوع بأي إشارة، والقديس بولس هو الذي يؤكد أن الخطيئة قد دخلت العالم بسبب آدم، ثم إن القديس أوغسطين هو الذي أعطى هذا التصور أهمية من الطراز الأول". (١)

ولقد قصر عيسى عليه السلام مهمته التي جاء من أجلها بتذكير الناس بالقيامة والحساب وبعثة النبي الخاتم "قد تم الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مرقس ١/ ١٤).

واستمر في دعوته قائلاً: "إنه ينبغي لي أن أُبشر المدن الأخر أيضاً بملكوت الله،


(١) موجز تاريخ الأديان، فيلسيان شالي، ص (٢٤٨).

<<  <   >  >>