(يوحنا ١٩/ ٢٥ - ٢٦)، وأمر كهذا لا يتصور أن تغفله الأناجيل لو كان حقاً، كما لا يمكن تصور أن الجند يسمحون لذوي المسيح من الاقتراب منه وهو على الصليب، وهم الذين أنكر بطرس بين أيديهم معرفة المسيح ثلاث مرات، لخوفه من بطشهم.
رابعاً: النقد الضمني للرواية الإنجيلية
وعند التأمل في الروايات الإنجيلية في جزئيات كثيرة اجتمع عليها الإنجيليون - أو بعضهم - نجد أن في الروايات خللاً وحلقات مفقودة لا يمكن تجاوزها، علاوة على ما في الروايات من تهافت في المعنى.
وفي كثير من هذه الملاحظات لا يمكن للنصارى الخروج منها، إلا بالتسليم بأن المصلوب ليس المسيح، أو بالتسليم بأن الروايات بشرية الوضع، غير محبوكة الصنعة. ومنها:
- تتحدث الأناجيل عن دور يهوذا في خيانة المسيح بعد أن صحب المسيح وكان من خاصته، بل أحد تلاميذه الاثني عشر، فكيف حصل هذا التغير المفاجاء؟
إن وقوع الانحراف بين البشر غير مستبعد، ولكن الرواية الإنجيلية تجعل المسيح - وهو الذي أرسله الله لهداية البشر -، تجعله سبباً في غواية يهوذا. فقد سأل التلاميذ معلمهم المسيح عن الخائن، فأجابهم المسيح - كما يزعم يوحنا -: " الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه، فغمس اللقمة، وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطي، فبعد اللقمة دخله الشيطان، فقال له يسوع: ما أنت تعمله، فاعمله بسرعة أكثر "(يوحنا ١٣/ ٢٦ - ٢٧)، فقد جعل النص المسيح ولقمته التي دفعها ليهوذا سبباً في ضلالة يهوذا وخيانته.
ثم كيف لم يستطع يهوذا أن يخرج الشياطين من نفسه، وهو أحد الذين قال لهم المسيح:"اشفوا مرضى، طهروا برصاً، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين "(متى ١٠/ ٨).