لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني " (يوحنا ١٥/ ٢٢ - ٢٤)، فالمسيح لا علم له بالخطيئة الأصلية الموروثة، لذا فهو يوبخهم على خطيئتهم تجاهه، يقرّعهم على عدم الإيمان به، مع تأكيده على أنهم " لم تكن لهم خطيئة " لو لم يأت إليهم بما آتاه الله من حجج وبراهين.
[بطلان وراثة الخطيئة بإثبات براءة الكثيرين من الخطيئة الأصلية]
تشهد الكتب المقدسة عند النصارى لكثيرين بالخيرية، وتثني عليهم، ولو كانوا مسربلين بالخطيئة الأصلية لما استحقوا هذا الثناء، ومن هؤلاء الأطفال الذين قال فيهم المسيح في إحدى وصاياه: "الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات، فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو الأعظم في ملكوت السماوات " (متى ١٨/ ٣ - ٤)، (وانظر مرقس ١٠/ ١٣/١٦).
وعندها نهر تلاميذه أطفالاً قال: "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات " (متى ١٩/ ١٣ - ١٤) فيفهم من هذين النصين طهرة الأطفال من الخطيئة الأصلية، لذلك جعلهم مثلاً للأبرار الذين يدخلون الجنة.
لكن القديس أوغسطينوس كان يحكم بالهلاك على جميع الأطفال غير المعمدين، وكان يفتي بأنهم يحرقون في نار جهنم، ولن يتمتعوا برؤية ملكوت الرب. (١)
والأبرار أيضاً لم يحملوا هذه الخطيئة، فهؤلاء الأبرار ذكرتهم نصوص التوراة وأثنت عليهم ولم تتحدث عن هلاكهم أو تأثرهم بالخطيئة الموروثة "كان كلام الرب إليّ قائلاً: ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل قائلين: الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست، حي يقول السيد الرب ... الإنسان الذي كان باراً
(١) انظر: ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، ص (٨٦).