وقد استغل بولس الاضطراب الذي حصل في حقيقة ما جرى للمسيح، بين قائل بأنه صلب، وقائل: إن المصلوب غيره، أو سوى ذلك مما أشيع في تلك الأيام .. ووظفه، وجعله قاعدة لضلالته المسماة "الفداء".
ونعود لبولس لنتساءل عن موقف النصارى الأوائل من دعواه صلب المسيح، التي كتبها الإنجيليون بعد وفاته.
ونحاول معرفة موقف تلاميذ المسيح والمسيحيون الأوائل بالتأمل في رسائل بولس التي أكدت صلب المسيح وأهمية هذا الحدث كمعتقد، لكنها حملت في طياتها أيضاً موقف الحواريين والأتباع الأوائل الرافض لبدع بولس ومن ضمنها ولا ريب عقيدة الصلب.
ونرى هذا الموقف جلياً في قول بولس وشكواه في رسالته لتيموثاوس:"أنت تعلم هذا، أن جميع الذين في آسيا ارتدوا عني"(تيموثاوس (٢) ١/ ١٥)، لقد هجره جميعهم وارتدوا عنه، لماذا؟ لا ريب أنهم كانوا يرفضون تبشيره.
وفي رسالته لأهل غلاطية يشكو من أولئك الذين كذبوه "إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح، إلى إنجيل آخر، ليس هو آخر، غير أنه يوجد قوم يزعجونكم، ويريدون أن يحولوا إنجيل المسيح، ولكن إنْ بشَّرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشّرناكم فليكن أناثيماً [أي ملعوناً] "(غلاطية ١/ ٦ - ٨)، إنه يعاني مشكلات في تبشيره الذي يزعم أنه الحق، بينما هناك مزعجون يرفضون هذا التبشير.
ويرى المحققون أن الحواريين ما كانوا يعرفون شيئاً عن صلب المسيح، بدليل خلو رسائلهم الموجودة في العهد الجديد من الحديث عن المسيح المصلوب.