وتم تشكيل لجنة لتعديل الوثيقة، وعدّلت، وفي أكتوبر ١٩٦٥م صدرت وثيقة تبرئة اليهود.
ويقول الكاردينال بيّا عن هذه الوثيقة:" ليست هذه الوثيقة ثمرة يوم أو ليلة، إنها خلاصة دراسة "، وقد وقع البابا يوحنا الثالث والعشرون عليها قبل وفاته بخمسة أشهر، لتصبح وثيقة دينية معتبرة، ومعتمدة من أهم المراجع النصرانية. (١)
وقد أراد بيا من وثيقته التمهيدية تبرئة العنصر اليهودي من صلب المسيح.
ولكن الوثيقة النهائية الرسمية أقرت بدور اليهود وبراءة الرومان، وبرأت الأجيال اليهودية اللاحقة من تولي وزر هذه الجريمة، كما أنها حاولت حصر الجريمة في أقل عدد ممكن من الكهنة ورؤساء الشعب اليهودي، " فإن ما ارتكب أثناء آلامه، لا يمكن أن يعزى إلى جميع اليهود الذين كانوا عائشين إذ ذاك، ولا إلى يهود أيامنا ".
وتعود الوثيقة للحديث عن آلام المسيح المصلوب، فتقول:"ما حصل للمسيح من عذابه لا يمكن أن يعزى لجميع الشعب اليهودي .. فإن الكنيسة كانت ولا تزال تعتقد بأن المسيح قد مر بعذابه وقتله بحربة بسبب ذنوب جميع البشر، ونتيجة حُبٍ لا حدَّ له ".
ونلحظ في هذه الوثيقة تعارضاً صريحاً مع النصوص الإنجيلية، المصرحة بدور اليهود بقتل المسيح على الصليب، ومنها قول بولس:" اليهود الذين قتلوا الرب يسوع، وأنبياءهم، واضطهدونا نحن"(تسالونيكي (١) ٢/ ١٥).
وقد ذكرت الأناجيل دورهم الخسيس في هذه الجريمة، فهم الذين تآمر رؤساء
(١) انظر: إسرائيل حرفت الأناجيل، أحمد عبد الوهاب، ص (٢٠ - ٣٥)، دراسة تحليلية نقدية لإنجيل مرقس، محمد عبد الحليم أبو السعد، ص (٥٢٨).