ونلحظ أن هذه العقوبة وعقوبة آدم تختلفان عن العقوبة التي هدد فيها من يأكل من الشجرة "وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت "، ولم يمت آدم وحواء يومذاك، بل عاشا قروناً متطاولة.
ولا يمكن أن يقال بأن الموت المقصود موت معنوي لأنه لا يفهم من السياق، ولقول بولس:"كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع "(رومية ٥/ ٢٣).
ومما يصرف الموت عن المجاز إلى الحقيقة أن النص يقول:" لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت " فكما الأكل حقيقي، الموت حقيقي، وأيضاً التأكيد في قوله:"موتاً تموت" يمنع المجاز.
والحق أن آدم حين أكل من الشجرة - وفقاً للنص التوراتي - قد اكتسب حياة روحية سامية، فقد حاز معرفة فريدة كمعرفة الله العليم الخبير "وتكونان كالله عارفين الخير والشر ... قال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر"(التكوين ٣/ ٥، ٢٢)، وإن عاقلاً في الدنيا لا ينكر أهمية هذه المعرفة للإنسانية التي ترتع بالشرور وقد عرفتها، فكيف يكون حالها لو لم تعرفها، ولم تميز بينها وبين الخير؟
ومما يؤسف له أن النص التوراتي يجعل الحية أصدق مقالاً من الله، لقد قال لآدم:" فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت "، ولم يمت حين آكل منها، فيما صدقت الحية حين قالت مكذبة الله:"لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر" وكان كما أخبرت، فهل يليق ورود مثل هذا في كتاب ينسب إلى الله العليم القدير؟!