للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوبة وفرحة الله بالتائب "وكلمهم بهذا المثل قائلاً: أي إنسان منكم له مائة خروف وأضاع واحداً منها، ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضال، حتى يجده، وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحاً ويأتي إلى بيته، ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم: افرحوا معي، لأني وجدت خروفي الضال.

أقول لكم: إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ... " (لوقا ١٥/ ٣ - ٧)، وعليه فالتوبة مقبولة عند الله كوسيلة للخلاص من الذنب، ولا تتناقض مع قدر الله القاضي بالقصاص من العاصي.

كما ضرب للتوبة وأهلها ومنزلتها مثلين آخرين، فقد شبّه الفرح بالتائب بفرح الأب بعودة ابنه الضال وبعثور صاحب الدرهم الضائع على درهمه. (انظر لوقا ١٥/ ٨ - ٣٢).

ولقد وعد الله التائبين بالقبول ففي سفر حزقيال: " فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي، وفعل حقاً وعدلاً، فحياة يحيا، لا يموت، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه، بره الذي عمل يحيا، هل مسرة أُسرُّ بموت الشرير" (حزقيال ١٨/ ٢١ - ٢٣).

وفي إشعيا يؤكد الوعد فيقول: " ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران" (إشعيا ٥٥/ ٧)، فالرب الحليم الرحيم يعد عباده العاصين بالرحمة حال توبتهم، من غير أن يتناقض عدله مع رحمته، إذ هو يفعل ما يريد.

ويقول يوحنا المعمدان مخاطباً اليهود مذكراً إياهم بأهمية التوبة: " يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة، ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً " (متى ٣/ ٧ - ٩)، فالتوبة هي الطريق، وليس النسب كما ليس الفداء.

<<  <   >  >>