لكن المسيح لا يمتاز في هذا الباب عن كثيرين من الأبرار والمؤمنين الذين لم يفعلوا خطيئة ولا ذنباً، " كل من يثبت فيه لا يخطئ، كل من يخطئ لم يبصره ولا عرفه .. من يفعل الخطية فهو من إبليس .. كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية "(يوحنا (١) ٣/ ٦ - ٩) فـ "كل من ولد من الله لا يخطئ، بل المولود من الله يحفظ نفسه، والشرير لا يمسه"(يوحنا (١) ٥/ ١٨).
ولا يخفى أن كل المؤمنين مولودون من الله "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا: أولاد الله، أي المؤمنين باسمه"(يوحنا ١/ ١٢). أمَا كان صلب أحد هؤلاء الأبرار كفارة عن خطايانا أولى من صلب الإله؟
لكنا نرى أن شرط النصارى في براءة الفادي من الذنب لم يتحقق حتى بالمسيح، رغم أن الشرط وضع وفق مواصفات النصارى له، فالمسيح عندهم جسد أرضي ويكتنفه حلول إلهي، وهم حين يقولون بالصلب فإن أحداً منهم لا يقول بصلب الإله، لكن بصلب الناسوت، والتوراة تقول:"ليس إنسان لا يخطئ"(الملوك (١) ٨/ ٤٦)، فالمصلوب هو الناسوت، وليس من إنسان إلا ويخطئ.
كما أن ناسوت المسيح جاءه من مريم التي هي أيضاً حاملة للخطيئة، فالمسيح بجسده الفادي الحامل للخطيئة وراثة لا يصلح أن يكون فادياً!
ولدفع هذا لم يجد الكاثوليك بُداً من القول بعصمة والدة المسيح، فقد نقل القس الخضري عن الكنيسة الكاثوليكية أنها نعتقد بأنه "ليس مريم وحدها التي حبلت بيسوع بطريقة معصومة من وصمة الخطية الأصلية، بل هي (مريم) أيضاً حُبل بها بنفس الطريقة، ولقد أصبحت هذه العقيدة قاعدة من قواعد الإيمان الكاثوليكي بعد أن أصدر البابا بيوس التاسع في ٨/ ١٢/١٨٥٤ منشوره الخاص بالعصمة البابوية، فهذا المنشور يقرر بأن مريم نجت من وصمة الخطية الأصلية عن طريق نعمة خاصة ..