بتجسده الإنساني قد أصبح خاطئاً متقمصاً شخصية الإنسان المجرم الخاطئ، وعليه فقد استحق قول التوراة:" النفس التي تخطئ هي تموت "(حزقيال ١٨/ ٤). (١)
والقول بتبرع المسيح البريء بالصلب عن الخطاة مردود من وجوه عدة:
- منها أن المسيح لا يحق له أن يرضى عن مثل هذا الصنيع، فهذا من الانتحار لا الفداء. فقاطع يده أو قاتل نفسه مذنب، مع أن ذلك برضاه ووفق إرادته.
- ومنها أن المسيح صدرت منه تصرفات كثيرة تدل على هروبه من اليهود وكراهيته للموت على أيديهم، ولو كان قد جاء لهذه المهمة، فلم هرب منها مراراً، وصدر عنه ما يشعر بجهله بهذه المهمة.
فقد هرب المسيح من طالبيه مراراً، وحرص على النجاة من مكائدهم. (انظر يوحنا ٨/ ٥٩، ١٠/ ٣٩، ١١/ ٥٣).
ولما رأى إصرارهم على قتله لم يسلم نفسه، بل خرج من أورشليم، وقال:" بل ينبغي أن أسير اليوم وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك بني خارجاً عن أورشليم "(لوقا ١٣/ ٣٣).
لذا اختار الجليل ملاذاً له من مؤامرة اليهود "وكان يسوع يتردد بعد هذا في الجليل، لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية، لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه"(يوحنا ٧/ ١).
وصار المسيح يتخفى حين تجبره الظروف على الظهور "فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه، فلم يكن يسوع يمشي بين اليهود علانية"(يوحنا ١١/ ٥٤).
ولما أحس بالمؤامرة أمر تلاميذه بشراء سيوف ليدفعوا بها عنه. (انظر لوقا ٢٢/ ٣٦ - ٣٨).
(١) الخطيئة الأولى بين اليهودية والمسيحية والإسلام، أميمة الشاهين، ص (١٤١).